لكل شخص صورتان، الصورة الأولى هي التي يرى الإنسان نفسه بها، والثانية تلك التي يعرفها المحيطون به عنه، غالبا الصورتان مختلفتان، ولا أقول متناقضتين. حسنا، ربما لدى بعض الأشخاص وفي حالات نادرة تكون الصورتان على النقيض تماما.
****
انت ترى نفسك طيبا وحبوبا و«خوش وليد» أو «خوش بنية» وصادقا متصالحا مع الكل معطاء كريما، بينما الآخرون يرونك أقل من ذلك بكثير، أقل مما تعتقد بنفسك، بل ربما يرونك ثقيل طينة أو شخصا غير مؤتمن أو «مصلحجي»، طبعا انت لا تعرف هذه الجوانب المظلمة التي يراها الآخرون فيك لأنها سمعتك السرية التي يرونك بها.
****
طبعا وبحسب رأيي إذا كانت نسبة الاختلاف بين ما ترى نفسك عليها«صورتك الداخلية لنفسك» وما يراك الناس من المحيطين بك «صورة السمعة السرية» بين 10 و 30% فأنت شخص طبيعي تعرف عيوبك، ومتصالح بشكل كبير مع نفسك، غالبا ما تكون شخصا جديرا بالاحترام في محيطك.
****
أما إذا كانت صورتك الأولى التي ترى نفسك فيها تتناقض مع صورتك في عيون الآخرين بنسبة تصل إلى 50% فأنت شخص تعيش في أماني زاهد ولكنك تتصرف كحرامي غسيل، الناس تعرف هذا عنك جيدا ولكنك لا تعي ذلك، بل تعتقد بداخلك انك من الخيرين في هذه الأرض، بل وتعتقد أن ولادتك على الأرض كانت فاتحة خير على البشرية، هؤلاء الذين يصلون في التناقض بين ما يرون في أنفسهم وما يراهم الناس عليه بنسبة 50% وبحسب تجربتي المهنية الخاصة هم الساسة من كل المذاهب السياسية ومن كل المراكز.
****
طبعا، وللأسف الشديد لا احد سيكشف لك شيئا عن سمعتك السرية التي يتناقلها الناس عنك، أو الوصف الذي يصفونك به خاصة أن ما يرونه فيك صفات غير حميدة مجتمعيا، كأن تكون كاذبا أو منافقا أو ثقيل دم أو غير أهل للثقة أو «حسود.. وعينك حارة»، بينما انت ترى بنفسك «الشخص الطيب الذي يستغله الجميع».
****
والصحافي تماما كالمعالج النفسي، يرى الأشخاص من الداخل والخارج، بحكم عمله المباشر مع الناس والتقائه بمئات الأشخاص من أصحاب «المظلوميات»، ومن خلال عملي لأكثر من ربع قرن رأيت بعضا من هذه التشوهات بين ما يقوله لك الشخص ويعتقده بنفسه وما هو عليه حقيقة.
****
ادعي هنا أنني أعرف هذه الظاهرة جيدا لأنني رأيتها، ولكنني لا أعرف أسبابها لأنني لم أدرسها، ولكن احذر من سمعتك السرية... التي يعرفها الغالبية من حولك إلا أنت.
[email protected]