تخيل فقط أنك في أجواء قرع طبول حرب وخط دفاعك الإعلامي الأول بلا ميزانية، وهو ما فصلته في مقالة سابقة، وهذه مصيبة بل كارثة حقيقية.
ورغم أنني ضد مسمى «وزارة سيادية» الذي يستخدم لوصف عدد من الوزارات لأنه لم يرد أي شيء بشأن هذه التسمية في الدستور أو أي قانون معمول به، إلا أن وزارة الإعلام عرفا كانت تعتبر رابع الوزارات السيادية في كل حكومة.
***
وسآخذ بهذا المسمى كأهمية الوزارة وليس لأنه مسمى صحيح، فهذه الوزارة «السيادية» اليوم لا تملك ما يمكن أن تستعد به ماليا لتواجه به احتمالية دخولها في خضم تغطية إعلامية طارئة لحدث لا نتمناه لا اليوم أو غدا وهو اندلاع حرب إقليمية أو حتى مقدمات حرب ربما لن تندلع أبدا.
***
القراءة الواقعية غير المندفعة وراء التراشق السياسي العالي المستوى بين الولايات المتحدة وإيران تنبئ بأنه لا حرب تلوح في الأفق، وأن المسألة مجرد خلق أجواء حرب.. بلا حرب، أو بمعنى أدق خلق حالة أجواء حرب دون وجود حرب حقيقية، وهذا ليس أملا بل واقع.
***
فنيا وزارة الإعلام مؤهلة للقيام بالاستعداد لمثل تلك الأحداث، ولكن ماليا هي غير مؤهلة على الإطلاق، فهذه الوزارة «السيادية» التي يفترض أن تشكل خط الدفاع الإعلامي الأول لا تملك القدرة المالية للقيام بدور كهذا في هذا الوقت.
***
طبعا، لو عدنا إلى واقع حضور وزارة الإعلام في وسائل التواصل الاجتماعي «إعلاميا» أو حتى قدرتها على رصد الآراء استنادا الى منصات التواصل الاجتماعي فسنجد أن قدرتها في هذا المجال صفر، فوزارة الإعلام لا تملك أي نوع من أنواع القدرة الإعلامية في أواسط السوشيال ميديا، فلا تعرفه ولا يعرفها، وهذا واقع يجب على مسؤولي الإعلام الانتباه له والالتفات إليه وعليه إعادة استراتيجيتها في عالم الإعلام الجديد الذي لا تعرفه ولا يعرفها ولا تعترف به ولا يعترف بها، والمسألة هنا انه ليس فقط أن تنشئ صفحة للتلفزيون في تويتر أو صفحة للوزارة في الإنترنت أو الانستغرام، بل أن تكون على دراية كاملة بهذا الكون الإعلامي الجديد، وهذه الدراية المطلوبة فاتت وزارة الإعلام ولا تزال وزارتنا «السيادية» خارج نطاق المنافسة أو حتى الفهم لهذا المكون الإعلامي الجديد، خاصة أن منصات التواصل الاجتماعي جزء من أسلحة إعلام أي جهة تنوي الدخول في حالة حرب أو حالة التحول التي نعيشها.
***
لا.. لستم على استعداد لا ماليا ولا فنيا وحتى لو كانت لديكم ميزانية فمع غياب الفهم الإعلامي للواقع الجديد لن تفعلوا شئيا، وهذا الأمر أعتقد أنه يجب طرحه بشكل طارئ في وزارة الإعلام وبحثه على طاولة الحلول لتجاوز أزمة حقيقية ستحدث للوزارة بكل قطاعاتها في أول تحدٍّ يفرضه حدث طارئ.
[email protected]