بسبب غياب النقد الفني الحقيقي، وامتلاء الساحة النقدية بالمجاملات والتطبيل و«الترفيع» الزائد عن الحد، امتلأ المشهد الفني بأشخاص من أصحاب الدم الخفيف الذين يجيدون إلقاء النكتة أو كما نقول عنهم بالكويتي «يضحكون»، فتجد ان أحدهم دمه خفيف ولكنه لا يمتلك فنيات التمثيل ولا يجيد التمثيل كحرفة، فلا هو بالكوميدي الارتجالي ولا هو بالممثل المحترف المتمكن من أدواته، بل هو عبارة عن شخص دمه خفيف ولسبب ما وجد طريقه إلى التمثيل، ومع استمراريته ومشاركته في عدد كبير من الأعمال على مدار سنوات أصبح يحسب بالخطأ.. «ممثل»، ويحسب ضمن الحركة الفنية وهو لو أخذناه بالقياس الفني الحقيقي ليس بأكثر من «مضحكاتي»، يجيد إلقاء «القطات»، ولكنه لا يستطيع أن يتقمص شخصية في أي عمل، فتجده في كل الأعمال يشبه نفسه، ولو شاهدته في أي عمل فستجده مكررا ***
هؤلاء «المضحاكتية» لا يبرزون إلا في مقاطع الاسكتشات، أو يتم حشر ظهورهم في مشاهد سريعة في المسرحيات الجديدة بطريقتهم في «التهريج الكلامي»، ووجودهم اصبح من سمات المسرح الكويتي الجديد وكذلك في المسلسلات الفكاهية السريعة التحضير، ولكنهم لا يبنون حركة فنية حقيقية، ولا يصنعون كوميديا جيدة، بل يصنعون كوميديا لحظية لا تبقى ولا تعلق بالذاكرة، تماما كالنكات البايخة... تضحكك في وقتها ولكنها لا تعلق في ذاكرتك.
***
من الخطأ معاملة هؤلاء الكوميديانات الجدد كمؤثرين في الساحة الفنية، وطبعا من الخطأ أيضا ألا نعتبرهم جزءا من الحركة الفنية اليوم، فهم على الأقل «يسدون خانة» أو بالأصح يملأون فراغا سببه غياب الممثلين الحقيقيين المحترفين، ولكن هذا أقصى حد يمكن أن يصل اليه دورهم أو تأثيرهم.
***
طبعا في رمضان وخاصة مع تنامي سوق برامج الاسكتشات الكوميدية ذات الطابع السريع يظهر هؤلاء الكوميديانات الجدد، ولكنهم لا يستطيعون مهما بلغت درجة الإضحاك لديهم أن يبنوا عملا حقيقيا يصلح للبقاء، بل أقصى ما يقدمونه هو عمل سريع يختفي من ذاكرتنا حالما تنتهي مدة مشاهدته.
***
دمهم خفيف ولكنهم ليسوا ممثلين حقيقيين، فالغالب انهم لا يتمتعون بأي نوع من أنواع الثقافة الفنية ولا يمتلكونها ولا يجيدون سوى نظام «الحط» أو «الضغاط» الذي نعرفه جيدا في الديوانيات.
[email protected]