يتحدث رئيس مجلس الوزراء دائما عن ضرورة تقليص الدورة المستندية للمشاريع، وهو أمر من الجيد الدعوة له في ظل بطء تنموي غير مبرر لبعض القطاعات الحيوية.
ولكن، ما لا يتحدث عنه أحد هو ضرورة تقليص الدورة المستندية للمعاملات البسيطة، فرغم أننا دخلنا عصر البطاقة المدنية الذكية الذي يفترض أن تحمل كل شيء من معلومات عنك الا انك لا تذهب لمراجعة الى أي جهة حكومية الا ويطلبون منك جواز سفرك وبطاقتك المدنية وجنسيتك أحيانا ووثائق بصورها تتجاوز الخمس وثائق في ابسط المعاملات، والبطاقة المدنية هنا يعتبرونها ليست أكثر من ورقة ثبوتية من بين خمس أو ست أو عشر أوراق ثبوتية تطلب منك.
تعقيد ليس له داع أبدا، يمكن الاكتفاء بالبطاقة المدنية وما تحويه من معلومات موجودة وموثقة في الكارت الذكي «الذهبي»، واعتقد أن هناك قانونا يجبر صاحب البطاقة المدنية على أن تكون كل المعلومات التي تم إصدار البطاقة له بموجبها صحيحة، وإلا فإنه معرض للغرامة والسجن ستة أشهر وفق قانون إنشاء نظام المعلومات المدنية في مادته رقم ٣٥.
أي إن تاريخ ميلادي ورقمي الموحد المسجل في وزارة الداخلية ورقم هاتفي وحالتي الاجتماعية ووظيفتي وعدد أبنائي كله موجود في البطاقة المدنية، فلا داعي لسلة أوراق أحملها معي في كل إدارة لإنهاء معاملة ما.
وكمثال على ما اذكر عن طول الدورة المستندية «اللي مالها داعي» بالأمس توجهت الى المنطقة التعليمية بالجهراء لاستخراج شهادة ثانوية عامة لابني، وكانت المفاجأة أنهم طلبوا مني ان اقدم على طلب إصدار شهادة ثم قدموا لي وصلاً، وأبلغوني أن الشهادة لن تخرج إلا بعد ٢٤ ساعة، لم افهم ونحن نتجه الى مشروع «كويت جديدة» لماذا ٢٤ ساعة لورقة بسيطة لا يكلف إصدارها وطباعتها من النظام سوى دقائق، حتى ولو كان ١٠٠ طلب، وبوجود جيش عرمرم من الموظفين والموظفات، لا يجب ان يستغرق دقائق؟!
حسنا، ربما أكون مخطئا ولا اعرف كواليس ولا آلية العمل، ولكنني بعد ان تسلمت الشهادة التي طلبتها في اليوم التالي، قمت بعمل تجربة حقيقية، لأثبت لنفسي على الأقل ان إصدارها لا يستغرق اقل من ساعة.
وكانت التجربة ان قدمت الطلب لاستصدار شهادة جديدة، وبعدما أبلغتني الموظفة كما في المرة السابقة انه علي أن احضر غدا لتسلمها، خرجت ووجدت احد موظفي المناولة وطلبته بكل تهذيب إن كان يستطيع ان ينجزها لي اليوم، وبالفعل انجزها بأقل من ساعة.
مسألة ما فعلته هنا إثبات ان انتظار الـ ٢٤ ساعة ابتكار من المنطقة التعليمية وانه غير واقعي وغير عملي وغير ذي نفع وفيه الكثير من تعطيل لمصالح خلق الله في دورة تسرق من الوقت الشيء الكثير، وهذه تستوجب التحقيق من مسؤولي «التربية».
فهذه الـ ٢٤ ساعة تمت سرقتها من وقت الناس بدون أدنى حاجة، واذكر جيدا قبل ٢٠ عاما ان هذه الورقة كانت تنجز بساعة، ولكن مع التطور ودخول الكمبيوتر والعقلية الإدارية الحديثة تستغرق ٢٤ ساعة، فهل هذه «كويت جديدة»؟!
السؤال الحين: تبون كويت جديدة والا ما تبونها؟!
[email protected]