توطئة: من السهل الاستدلال والتدليل على علاقة شيئين ببعضهما بجمع نقاط التشابه او الأشياء المشتركة بينهما.
***
عنيزة في زيارتي الأولى لها صدمت لأنني أحسست وكأنني لم أخرج من الكويت، وعندما تعمقت زيارتي أكثر ليوم ويومين وثلاثة اكتشفت أن عنيزة فيها عرق كويتي نابض، ولهذا أسبابه وأستطيع طبعا ان اعدد تاريخيا واجتماعيا الترابط العائلي بين القصيم كلها والكويت وعنيزة على وجه الخصوص الذي يدفع الى ذلك التشابه، ولكن عنيزة كان بداخلها أكثر من مجرد تشابك الارتباط العائلي بينها وبين الكويت الذي يذكره التاريخ ويوثقه، ليس لعنيزة فقط بل القصيم ونجد كلها.
***
عنيزة في أهلها الذين يغلب عليهم طابع المحافظة الاجتماعية الحميدة كانوا بقصد او بغير قصد منهم يكشفون سر العرق الكويتي النابض وسط مدينتهم، محلات بأسماء كويتية وتقدير فائق للحد لكل ما هو كويتي، كأن أهل عنيزة يقولون لك: «أنت كويتي... حسنا ستتم معاملتك بشكل مختلف»، وقد كانوا كذلك ويقدرون كل ما هو كويتي ويضعونه في مرتبة ضيافة مختلفة، يا رجل.. لا تكاد تجد شارعا الا وفيه محل باسم كويتي، ناهيك عن اسماء العوائل المشتركة التي تحملها بعض لافتات الشوارع حتى تحلف أنك لم تغادر الكويت.
***
طابع الضيافة في عنيزة للجميع وليس لضيوفها الكويتيين مختلف تماما، فضيف مدينتهم هو ضيف كل شخص منهم، هكذا ستشعر اذا ما أقمت في هذه الجوهرة الصحراوية الغناء لأكثر من ثلاثة أيام.
***
الدشداشة الكويتية لها سوق حي هناك، سألت الباعة والخياطين بل ومن شيبان المنطقة ولكن أحدا لم يعط جوابا شافيا، فهم يسمونها «الدشداشة الكويتية» ويرتدونها وتعتبر جزءا من ثقافتهم الشعبية.
***
المفارقة الجميلة انك لا تجد بقالة ولا سوبر ماركت في المدينة كلها يبيع السجائر، الأمر ليس نظاميا ولا فرض قانون ولكنه قرار مجتمعي والكل متفق عليه حتى من يدخن يذهب الى طريق الكويت لمسافة ٢٠ كيلو مترا ليشتري مؤونته من السجائر، وبهذا تكون عنيزة كما أعلم المدينة الوحيدة في العالم التي تحظر بيع التبغ في حدودها بشكل صارم رغم عدم وجود نص بهذا الخصوص، وإذا كان هذا دقيقا فهي المدينة الخضراء الوحيدة في الشرق الأوسط.
***
وأهلها ليسوا مضيافين فقط بل متعاونون مع الغريب إلى أقصى حد، والأهم من هذا كله أن لديهم قبولا للآخر القادم من أي مكان سواء للاستيطان او السكن او العمل او المرور العابر، جزء كبير من ثقافة تعاملاتهم اليومية فيها كمية تسامح تجعلك تحدث نفسك: «لو قررت ان اسكن مدينة واعمل بها... حتما ستكون عنيزة».
***
لهجتهم حكاية جميلة أخرى، فشكرا أهل عنيزة لأنكم كما أنتم وبيض الله وجيهكم.
[email protected]