لا يفترض ان تكون هناك دعوة لتجريم استخدام الأسماء المستعارة في وسائل التواصل الاجتماعي، بل يفترض منطقيا ان تكون الدعوة لتجريم أي فعل مؤذ يصدر عن اي حساب سواء كان باسم صريح او تحت اسم مستعار، وأعتقد ان قانون النشر الإلكتروني وشقيقه الأكبر قانون الجرائم الإلكترونية ومعهما قانون هيئة الاتصالات كلها تغطي وتزيد وتكفي «حقنا وحق ثلاث بلدان معانا».
****
أما قصة تجريم الحساب تحت اسم مستعار فقط لأنه لا يكتب باسمه الصريح، فهذا اجتراء على المنطق السليم، فالشخص لم يؤذ أحدا، فهل تكون تهمته استخدام اسم مستعار في فضاء افتراضي رحب، أما إن كان قد تسبب بأذى معين او خرق القانون فعليكم بقوانينكم الثلاثة.
****
مشكلة بعض المشرعين أنهم لا يفهمون التقنية التي يريدون الحد منها، ولا الآلية التي تعمل بها، فيأتي تشريعهم ناقصا أو قاصرا أو يعاني من عوار تشريعي.
****
التغريد تحت اسم مستعار بشكل عام لا يمكن أن يكون جريمة طالما أنه لا ينتج عن صاحبه ما يخرق القانون أو الآداب العامة، فالأسماء المستعارة جزء من ضريبة العالم الافتراضي، بل هي جزء رئيسي منه، والبعض بل الغالبية من أصحاب الأسماء المستعارة يستخدمون هذا الغطاء من أجل حماية خصوصيتهم وأفكارهم والخروج من عباءة أدبيات مجتمعية يصعب عليهم الخروج عليها بأسمائهم الصريحة.
****
لا يجب أن ننظر للحساب ذي الاسم المستعار على أنه يجب تجريمه، بل بعض الحسابات تلك ساهمت في كشف خلل، أما ما يجب محاسبته فعليا فهي الجهات التي ترعى حسابات مستعارة لأغراض صراعات النفوذ والقوى، وأغلبهم معروفون لمن يتبعون ويعملون ضد من ومن يحركهم.
****
والحكومة إذا كانت جادة في وقف الحسابات مدفوعة الأجر والتوجه، فعليها ان تبدأ بعمل كشف حساب لتلك الحسابات، ولا أعتقد أن الأمر يستغرق أكثر من «نبش» في أرشيف تغريدات و«بوستات» تلك الحسابات، وبالاستعانة بمختصين إعلاميين وتقنيين يمكن وضع خطوط التلاقي لبعض تلك الحسابات لتحديد الجهة التي تقف وراء كل حساب، والأمر سهل للغاية وبسيط ولكن وكما يبدو ان.. «الجماعة يدرون.. وما يبون».
[email protected]