تحول المجلس خلال السنوات الأربع الماضية إلى حديقة خلفية للحكومة، فكل القوانين مرت بتوافق أو رغبة أو تحرك حكومي، كذلك القوانين التي تم رفعها أو إعادتها أو تأجيل النظر فيها، حتى الاستجوابات وإن انطلقت نيابيا إلا أنه لا يخفى على أحد أنها كلها.. إدارة حكومية 100%، بغض النظر عن النتيجة التي انتهت لها تلك الاستجوابات.
****
هذا التفوق الحكومي في المشهد البرلماني قد يكون كما يعتبره مؤيدوه شكلا من أشكال التوافق النيابي الحكومي، ولكنه ليس كذلك، فهو اقرب إلى الاستحواذ والسيطرة، وفي هذا تعطيل صريح لأدوات الرقابة الشعبية، وجعل التصويتات لأي تشريعات رهنا برغبة الحكومة فقط، الحكومة تمتلك أغلبية مريحة في المجلس وتسيطر تماما على مختلف اللجان، وكما قلت يروج مؤيدو هذا بأنه نوع من أنواع التوافق النيابي ـ الحكومي الذي يبتعد بالبلد عن حالات التأزيم السياسية، وطبعا يقصد بحالات التأزيم الاستجوابات التي تتقدم بها المعارضة «أيام ما كان عندنا معارضة».
****
وللأمانة المجلس بشكله الحالي تمرر الحكومة من خلاله كل ما تريده ومتى أرادت وكيفما أرادت، وهذا خطأ كبير ووضع يجب ألا يستمر، إذا ما كنا نؤمن بالديموقراطية كما سلمها لنا المؤسسون، فهذا الوضع مشوه جدا وغير صحي وعلى المدى الطويل ستكون له انعكاسات سلبية على البلد وعلى الديموقراطية التي ظللنا لسنوات نتنفسها بشكلها الأقرب إلى الممارسة الحقيقية.
****
الانتخابات المقبلة نأمل أن يتغير الوضع، وان تتبدل الأوضاع في كلتا السلطتين، أن ترفع الأولى يدها عن المجلس بمسافة كافية ليعمل بحدوده الدنيا على الأقل وان تعود الثانية كسلطة تشريعية إلى شيء من استقلاليتها لتعود عجلة الديموقراطية الى الدوران... بدال ما احنا «مبنشرين» صار لنا ثلاث سنين وشي.
[email protected]