عام ١٩٩٨ طرحت الحكومة مشروعا عُرف باسم مشروع «تطوير حقول الشمال» وفكرته ببساطة كانت تطوير ٧ حقول نفطية شمالي البلاد وبناء مطار دولي وإنشاء ميناء وجسور ومدن سكنية، وحتى ٢٠٠٩ والحكومة كانت تحاول تمرير المشروع عبر مجلس الأمة غير أن النواب رفضوا المشروع تماما متهمين الحكومة بانها لم تعلن كامل المعلومات عن المشروع، وكانت التكلفة الافتراضية للمشروع يومها بحدود ٧ مليارات دولار أميركي، ولكن ذاب المشروع وانتهى بدخول البلد في صراع سياسي عميق.
***
وسبب سقوط المشروع ليس كما يدعي «الحكوميون» ان المعارضة البرلمانية الشرسة تسببت في وقف المشروع وتعطيله وخسارة البلاد لمشروع حيوي كهذا، ولكن المتابعة لتاريخ عرض المشروع هو ان الحكومة لم تسوق لمشروعها سياسيا او إعلاميا كما يجب، وتركته تحت رحمة الضرب النيابي الذي أقنع الرأي العام يومها بأنه مشروع غير ناجح وتدور حوله شبهات.
***
الآن الحكومة ترتكب ذات الخطأ حتى على الرغم من عدم وجود معارضة نيابية حقيقية في تسويقها لمشروع مدينة الحرير او مشروع تطوير الجزر او اسمه الأخير «مشروع المنطقة الاقتصادية الشمالية»، بغض النظر عن تباين الرؤى الدستورية حول المشروع الذي سيكون طريقا لنقل الكويت من بلد احادي المصدر إلى متعدد المصادر.
***
هنا ثلاثة أسماء لمشروع واحد في أقل من عامين، وهذا خطأ كبير جدا تسويقيا على الأقل لمشروع بهذا الحجم.
ثانيا أغلب من يقومون على تسويق المشروع خاصة في الفترة الأخيرة يخاطبون الجمهور بلغة فنية بحتة دون استخدام اللغة السهلة لتعريف الجمهور لهذا المشروع الحيوي والهام، وهذا ما ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لمن يهاجم المشروع والذين يستخدمون لغة عاطفية سهلة يقبلها الجمهور أسرع لأنها أقرب إلى الاستيعاب من اللغة الفنية التي يستخدم فيها المسوقون للبرنامج أرقاما معقدة وطرح معادلات خوارزمية.
***
المشروع حيوي وهام جدا وسيكون نقلة للبلاد من حالة الجمود الاقتصادي إلى حالة الحركة التنموية الحقيقية، ولكن يجب إعادة تسويق المشروع سياسيا وإعلاميا بعيدا عن الأفكار التقليدية التي لا تتناسب لا مع حجم ولا أهمية المشروع، والخطوة الأولى السهلة هو أن تذهب إلى الناس لا أن تنتظرهم أن يأتوا إليك ليستمعوا عما لديك، وهذه باستخدام الحديث النخبوي الفني.
[email protected]