اجتزاء جمل من سياق حديث عام وبترها من أجل وضعها كعنوان لذلك الحديث، هي أقدم لعبة صحافية في التاريخ، ولا تمارسها عادة في عالم الصحافة سوى الصحف الصفراء، وتعتبر من أنجح الخدع الإعلامية على الإطلاق، وما يساعد على نجاح الخدعة أحيانا كثيرة استخدام المتحدث لجملته بطريقة خاطئة من حيث التدليل على ما كان يريد قوله، ما يساعد خصومه على توجيهها من اجل استخدامها بطريقة اخراج عموم كلمته من سياق منطقيتها.
***
وجملة د.عودة الرويعي التي انتشرت انتشار الهاشتاق في تويتر «دولة الفساد أفضل من اللا دولة» جاءت ضمن سياق حديثه في استجواب وزير الداخلية، تم اجتزاؤها من سياق عام، ليظهر للجمهور غير المتابع أنها أصل حديثه، وما من عاقل يؤمن بأن شخصا يذهب بدعوة كتلك الجملة التي تم تصويرها كأنها منهج للمتحدث وهي ليست كذلك ولم تكن كذلك.
***
الخلاف أو الاختلاف مع سياسي لا يمكن أن يكون أحد أبوابه اجتزاء جملة ونقلها من أجل تشويه صورة السياسي المختلف معه، وكما ذكرت ما من عاقل مهما كان متطرفا حكوميا او يؤمن بتلك الجملة أن يقولها او يطلقها حتى لو من باب المزاح السياسي الثقيل، والرويعي بغض النظر عن موقفه السياسي لا يمكن ان يقول هذا الحديث بل مجرد جملة تسبقها جمل توضحها وجمل أخرى تبين جوهر الحديث.
***
وعود على بدء أحداث جلسة الثلاثاء وبعد نتيجتي الاستجوابين والأحداث التي صاحبتهما، يتضح جليا أن الحكومة قدمت تضحيات لتلحق بها إصابات سياسية بسيطة من أجل أن تكمل مدتها ويستمر المجلس، باختصار الحديث فإن اقرب جملة يمكن ان تصف ما حصل هي الجملة السينمائية الساخرة الشهيرة: «ضحينا بالأب والأم والجنين عشان الدكتور يعيش».
[email protected]