قدم وزير الإعلام الأسبق د.سعد بن طفلة محاضرة قيمة جدا في منتدى الإعلام السعودي وكانت تحت عنوان «القوة الناعمة.. قراءة في المشهد الاتصالي العربي»، وللأمانة تلك المحاضرة التي استمرت زهاء الساعة لم تكن مجرد محاضرة عابرة أو تسجيل حضور لشخصية أكاديمية في منتدى مهم جدا في قيم ما يطرح فيه من ندوات وحوارات ومحاضرات، بل كانت محاضرة تحمل قيمة مختلفة عن حديث يقدم تفسيرات علمية إعلامية لما تمر به المنطقة من تغيرات سياسية واجتماعية.
وقيمة المحاضرة التي قدمها بن طفلة تكمن في ثلاث نقاط، أولا: قدمت تفسيرا علميا على يد متخصص لما تمر به المنطقة من متغيرات، ثانيا: انها جاءت بلغة بسيطة رغم عمقها العلمي ليفهمها العامة قبل النخبة فلم يستخدم مصطلحات علمية معقدة بل استخدم الحديث السهل المباشر، ثالثا: ان المحاضر د.سعد تحدث بصراحة مطلقة باستشهادات تأثيرات الخلاف الخليجي بطريقة واضحة.
***
المحاضرة بمجملها كما وجدت كانت بمنزلة كتاب، بل دعني أقل إنها أقرب إلى مسودة صوتية لكتاب محتمل يقوم بتحليل وتفسير المتغيرات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات العشر الأخيرة.
ورغم عنوان المحاضرة شبه المحيط بمحاور المحاضرة إلا أن المحور الأهم كان فيما يتعلق بإعادة تأكيد المحاضر د.سعد بن طفلة أن الإعلام - أيا كان شكله - قوة حقيقية لم تستغل كما يجب لخدمة المنطقة وشعوبها للخروج من صورة نمطية وضعنا فيها العالم منذ النشأة الأولى للإعلام وكيف أن تصدير صورتنا للعالم تعتمد على ما تقدمه نحن للعالم، وان تمكين المرأة مثلا ليس ترفا سياسيا او تشبها بالغرب بل هو جزء من تحولنا الطبيعي نحو «الأنسنة»، واننا لا نفعله من أجل أن ننال إعجاب الغرب أو إظهار مدى تطورنا بل نفعله لأنه من الطبيعي أن يحدث.
***
المحاضرة كذلك خلت من أي نفس لأي توجه سياسي، وأخذ المحاضر جانب الأكاديمي العالم بعيدا عن آرائه السياسية المعروفة عنه في عدد من القضايا التي كانت ترتبط بما قدمه من محاور.
***
توضيح الواضح: بغض النظر عن اختلافك أو اتفاقك السياسي مع د.سعد بن طفلة، فإنه يبقى طاقة علمية لا يمكن إنكارها، وأنا أكتب مقالتي مع كامل اختلافي مع أطروحاته السياسية وتوجهاته، وأعلم أن كثيرين لن يستوعبوا كيف لي أن أسلط الضوء الإيجابي على شخص أختلف مع توجهاته السياسية، ولكن هذه هي الحيادية الإعلامية التي يجب أن تسود وأن تتسيد تعاطينا مع الأشخاص.
***
توضيح الأوضح: منتدى الإعلام السعودي نقطة مضيئة في منطقة يلفها الغموض في الشأن الإعلامي، وللأمانة انه ناجح في محتواه الذي يقدمه، وأعتقد اعتقادا جازما أنه وإن فهم أنه يتم برعاية حكومية فإنه أنتج خلال إقامته هذا الأسبوع مادة «فيلمية» ثرية وبطرح إعلامي عالي السقف وهو ما يحسب للمملكة العربية السعودية، فشكرا للقائمين على هذا المنتدى الثري والمثري عمليا وعلميا.
[email protected]