لم أر خلال تجربتي الصحافية لعبة تسريبات إعلامية كتلك التي صاحبت تشكيل الحكومة الحالية، ومن خلال متابعتي لما يتم تسريبه طوال الأسابيع الثلاثة الماضية عن أسماء يتم ترشيحها وأسماء ترفض وأخرى تقبل وخروج تشكيل الحكومة تارة بأسماء ثقيلة سياسيا وتارة بأسماء ليس لها من الثقل أي سلطان، تبين لي أن ما يتم تسريبه لا يوجد أي هدف سياسي له، وأن المسألة برمتها ليست بأكثر من رسائل لأطراف سياسية من أطراف سياسية، وليس الهدف منها أبدا جس النبض بل مجرد تسريبات هدفها تبرير تأخير التشكيل الحكومي المرتقب.
***
بصورة أقرب، جميع ما تم تسريبه من أسماء ليس حقيقيا ولا هدف منه، لا جسّ نبض ولا بالونات اختبار، بل تسريب متعمد لتبرير تأخير التشكيل الحكومي للحكومة الجديدة، ذلك لأنه لا يوجد أدنى مبرر للتأخير في إعلان تشكيل الحكومة، فلا معارضة ستعترض ولا أطراف نفوذ ستضغط لتوزير فلان أو حذف اسم فلان من التوزير، وكأن التأخير والتسريبات من أجل تبرير «التأخير».
***
عامة، الحكومة التي لم تتشكل بعد والمنتظر إعلان أسماء أعضائها خلال اليومين المقبلين، خسرت بسبب التأخير شهرا من عمرها (من آخر نوفمبر حتى منتصف ديسمبر الحالي) وليس أمامها منذ بدء إعلانها والقسم سوى 6 أشهر (تبدأ من أواخر ديسمبر الحالي وتنتهي يوليو القادم) وهو عمر المجلس الحالي دون حساب أشهر العطلة البرلمانية التي ستسبق انتخابات 2020.
***
منطقيا الحكومة هذه عمرها 11 شهرا، وأما برلمانيا فعمرها 6 أشهر فقط، وما ستنجزه او ستعد بإنجازه سيكون رهنا بالصلاحية البرلمانية، وستتم تبرئتها نظرا لقصر عمرها أيا كانت ما ستعد به او ستواجه.
***
وهذه الحكومة ستسقط بكل أمانة أمام أول استجواب يوجه لأي من أعضائها، كونها ستكون في مواجهة مع مجلس يبحث أعضاؤه عن التكسب الانتخابي، فأداء الأعضاء سيكون مرصودا شعبيا بشكل مبالغ فيه، ومن الأجدر لها بل انه من المنطقي ان تتخلى الحكومة الجديدة عن احد وزرائها مقابل ان تكمل مدتها القصيرة أصلا، بمعنى أدق سيكون هناك استجواب معد سلفا لأحد أعضاء الحكومة وسيطرح خلال الشهر القادم او الذي يليه على ابعد تقدير، وان عبر الاستجواب بسلام فلن يكون ذلك «العبور السليم» من نصيب الوزير المستجوب الثاني، وربما أقول ربما سيكون هذا الأمر سببا في سقوط الحكومة كلها.
***
أعلم أنني اتعجّل الأمور لحكومة لم تولد برلمانيا بعد، ولكن هذه حسابات المنطق السليم للأشياء، وفقط لننتظر ونرَ.
[email protected]