أيا كانت ديانتكم، وأيا كان البلد الذي قدمتم منه إلى بلدنا، وأيا كان عرقكم أو لونكم أو اعتقادكم السياسي، بل حتى أيا كان رأيكم في بلدنا أو بنا كشعب، فلا يسعني سوى أن أقول «كثّر الله خيركم أيها الوافدون على بلدنا».
ساعدتمونا وساهمتم معنا في بناء بلدنا منذ الخمسينيات حتى اليوم ونحن نطرق أبواب العقد الثاني من الألفية الثالثة، مساهماتكم في بناء بلدنا لا ينكرها إلا جاهل ولا يستحقرها سوى عنصري، فمهما بلغت مساهمتكم من بساطة في نظرنا أو في نظركم أو حتى في المقياس العام، ومهما كان سبب قدومكم إلى بلدنا قد وضعتم بشكل أو بآخر بصمة عمل في بنائية البلد وساهمتم من حيث لا يعلم العنصريون في الحركة الاقتصادية في بلدنا سواء أكان بالبيع أو بالشراء.
وعذرا منكم ولكم وبكم من أي نَفَس عنصري قد لمستموه أو وجدتموه من معترض على وجود بعضكم أو كلكم، فهذا وللأسف الشديد نفس عالمي لا تختص به الكويت دون غيرها، وإن كنت أعتقد أن بلدنا لا يزال بلد الترحيب بالآخر، وأن جذور أخلاقنا ككويتيين أقوى من رياح موجة معاداة القادم من الخارج التي تلف العالم أجمع، تظهر تلك الرياح لدينا كرياح «سرايات» عابرة لموقف أو لحدث، ولكنها سرعان ما تنقشع بعد أن يتدخل العقلاء بيننا، وما أكثرهم، لإطفاء نيران اشتعلت في غفلة منا جميعا، ولكن لكم منا أن نبين لكم أنكم محل ترحاب بيننا وأنكم جزء من مجتمعنا وثقافتنا حتى ولو وجدتم من يقول غير ذلك بين الحين والآخر، فوالله إنهم ليسوا بأكثرية ولكن أصحاب هذا النفس عادة ما تكون أصواتهم عالية.
والله لا نكرهكم، ولا يمكن أن نكرهكم، ومعظمنا يراكم جزءا من بنائية البلد، أما أصوات النشاز التي قد تزعجكم، فتظل أصوات نشاز لا تمثل ولا حتى أقل من 1% من الصوت الكويتي الحقيقي الذي جبل على تقبل الآخر واحتضانه واحترامه واحتوائه، فأنتم وإن قال من قال وتحدث من تحدث جزء من نسيجنا المجتمعي، ومساهمون رئيسيون معنا في بناء وتنمية بلدنا بالأمس واليوم وغدا.
كما قلت، النفس العنصري الرافض للآخر.. القادم.. المهاجر.. المقيم هو نفس يلف العالم بأكثر من شكل وهيئة ولأكثر من سبب، وأهم تلك الأسباب الجهل، فصاحب هذا الخطاب العنصري لا يمكن إلا أن يكون جاهلا.
العنصريون لا يهاجمون الوافدين فقط، بل يهاجمون كل من هو ليس على شاكلتهم أو مختلف عن تفكيرهم، هؤلاء لا يؤمنون بالتعددية ولا بمبدأ التعايش، ومشكلتهم الوحيدة أن «ما عندهم شغل» ولا إنجاز حياتي حقيقي، لذا أغرقوا أنفسهم بالعنصرية واتخذوها مشروعا لهم.
[email protected]