لا يمكن اعتبار الخروج بتظاهرة سلمية أو وقفة احتجاجية خروجا على النظام العام أو إخلالا به، بل هو جزء من وسائل التعبير السلمية عن الرأي، واعتباره عكس ذلك هو اجتراء على الدستور نفسه وقمع مبطن للحريات التي كفلتها مواد الدستور صراحة، ولكن المشكلة لم تكن يوما في الممارسة بل في المحتوى غالبا أو العنوان الرئيسي للمظاهرة، وهو ما يتسبب بجدلية يستفيد منها الحكوميون عادة للطعن بأهداف الاحتجاجات.
***
والحكوميون الذي أتحدث عنهم هنا، لا علاقة لهم بالحكومة، فمن أتحدث عنهم هم مجموعة من مؤيديها كجمهور مشجع لها، وأعظم أمانيهم أن تلتفت الحكومة لهم وترمي لهم بمنصب أو عضوية أو حتى «يعزمونهم» في مناسبة أو مؤتمر تقديرا لدورهم في تشجيع الحكومة بالطالعة والنازلة.
***
طبعا من أهم صفاتهم التي يعرفون بها هي مطالباتهم بين الفينة والأخرى بتقليص المستحقات المالية الممنوحة لأي شريحة كانت، متقاعدين أو معاقين أو طلبة، وأحيانا لا يتوانون عن المطالبة بقطع تلك المستحقات بحجة «أنها ما لها داعي» وتكلف خزينة الدولة.
***
من طرائف المشجعين الحكوميين ومنهم إعلاميون وأكاديميون وأدباء انهم يرون الدينار والدينارين اللذين تتسلمهما شريحة من المواطنين ولكنهم لا يرون الفساد بالملايين ولا الهدر في الجهات الحكومية!! بل لا يتحدثون عنه و«ما يجيبون طاريه خير شر»، ولا تضيق أعينهم إلا على «جم فلس» تذهب لمستحقين.
***
وشخصيا لا أرى ولا أعرف هدفا لفريق التشجيع الحكومي سوى أنهم في تصريحاتهم المضادة لصحيح المنطق كأنهم يصرخون «شوفوني.. عطوني منصب.. بعثة.. مكافأة.. عضوية لجنة.. أي شيء».
وفي الحقيقة، أن هذا الأمر كان ينجح في السابق وبشكل كبير، أما مع النهج الجديد - أقصد الحالي - فلا أعتقد أنه ناجح كما كان في السابق، ومحاولات التشجيع تلك لا تؤتي ثمارا.
***
بمناسبة الحديث عن النهج الحكومي الجديد، ولا شك أنه جيد، ولكنه لا يصلح للمرحلة الحالية التي تتطلب الكثير من الحنكة السياسية والبحث عن حلفاء، نعم الإصلاح مهم، ولكن أن تكون سليما سياسيا من أجل الاستمرار في النهج يتطلب تغيير التعاطي خاصة مع مجلس الأمة.
[email protected]