في أيام المرحلتين الابتدائية والمتوسطة كنا مهووسين بقراءة القصص المصورة للبطل الخارق سوبرمان وربعه الوطواط والبرق، ومن أطرف النقاشات التي تدور بشكل مستمر بين عشاق تلك السلسلة التي كانت تصدرها وكالة المطبوعات المصورة اللبنانية ان كل الأبطال الخارقين الوطواط والبرق والسهم الأخضر يرتدون أقنعة لإخفاء هوايتهم إلا سوبرمان، فهو الوحيد الذي يتخفى بارتداء نظارة طبية، رغم ان الأعمى يمكن أن يرى أن سوبرمان هو كلارك كينت وكلارك كينت هو سوبرمان، سواء لبس نظارة أم لم يلبس، ولكن هذه الخدعة/ الكذبة السوبرمانية استمرت حتى في الأفلام العالمية الأولى التي أنتجت عن سوبرمان في العام ١٩٧٨ وما بعدها، والمشكلة أنك يجب عليك أن تصدق حتى يمكنك أن تتمتع بحبكة كل قصة تقرأها أو كل فيلم تشاهده للسيد سوبرمان.
> > >
تخفي سوبرمان غير مقنع إطلاقا، ولكن أعتقد أن جماليات القصص كانت تجعلنا «نطوف» حتى لا نفقد المتعة عندما كنا أطفالا، طبعا ليست تلك القضية الوحيدة التي كنا نتناقش حولها صغارا فيما يتعلق بالقصص المصورة أو «الكوميكس» بل كان السؤال المضحك الذي يبدأ به النقاش هو: «ليش سوبرمان لابس كلسون فوق البدلة؟!»، طبعا كنا نتوقف عند هكذا بديهيات ولكننا نترك حقيقة أن القصة برمتها خيالية.
> > >
إجادتنا للقراءة بسبب مناهج التعليم آنذاك كانت سبب تعلقنا بقصص سوبرمان وجماعته والتي قادت كثيرا من أبناء جيلي إلى الكتب الحقيقية وعلمتنا صغارا قبل الأوان اللغة العربية الصفحة البسيطة كتابة وصياغة ونطقا أيضا، أبناء جيلي كانوا قراء بالفطرة، وانتقلنا من القصص المصورة إلى دواوين نزار قباني ونازك الملائكة ومعروف الرصافي وبدر شاكر السياب وروايات نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس، بل وحتى كتب الفكر الإسلام ككتب فتحي يكن وحسن أيوب وعبدالله النفيسي منتصف الثمانينيات، طبعا بالإضافة الى بحثنا عن الكتب الممنوعة من البيع وأتذكر أن أول رواية قرأتها كانت رواية «الرهينة» للأديب اليمني زيد دماج واذكر ان روايته كانت ممنوعة لدينا ولكننا كنا نحصل عليها نسخا مصورة من بعض المكتبات.
> > >
لأننا نشأنا جيلا تأسس بشكل صحيح في القراءة والكتابة، وعشقنا القراءة، وأعتقد أننا كنا جيلا يتمتع بحد جيد من الوعي، اليوم للأسف بسبب مناهج وأساليب تعليمية غير عملية سقط جيلان في فخ عدم إجادة القراءة أو الكتابة بشكل صحيح، ووزارة التربية عليها أن تعود على الأقل للمربع صفر تعود لـ «مع حمد قلم» إذا لزم الأمر وتسقط من مناهجها تلك المناهج «المليونية» المستوردة، مناهج عندما تم استيراد بعضها ومنه منهج العلوم للمرحلة المتوسطة تم حذف ما بين ٣٠ و٤٠% منه لعدم ملاءمته.
> > >
سمـــو رئيس مجلس الوزراء، بسبب تخبطات وزارة التربية سابقا أصبح لدينا جيل لا يجيد القراءة ولا الكتابة بشكل صحيح، وكأنما دخلنا مرحلة الأمية الحديثة، والتي يجب على الوزارة الاعتراف بوجودها كمشكلة، ثم حلها حتى ولو استلزم الأمر تغيير المنهج في نصف العام.. الأمر قرار يا سمو الرئيس.
[email protected]