قضى ثلثي عمره معنا أو نصف عمره في بلدنا، حتى بلغ الستين، بلده لا تكاد تعرفه ولا يكاد هو يعرف ملامح بلده التي تغيرت عليه، لا يعرف سوى الكويت وشوارعها ومعالمها، ثلثا عمره قضاها كويتيا بأسلوب المعيشة والحياة عرفها وعرفته، ألفها وألفته، أصبحت قطعة منه وأصبح هو قطعة منها.
***
والآن يأتيك صاحب قرار «حلمنتيشي» ليقول لك إن أي وافد تجاوز الستين لا تُجدد إقامته، قرار لا منطق ولا عقل ولا ذرة إنسانية لا معه ولا له، ومن اتخذه ما قام باتخاذه إلا على اعتبار أنه سيعالج الخلل في التركيبة السكانية، كان اعتباره خاطئا بل ووصمة عار في جبين بلدنا، أهكذا نكافئ من عملنا معنا 30 و40 عاما وربما أكثر؟ أهكذا نقول «برا» بدلا من أن نقول لهم «شكرا»؟ والله العظيم عيب وقرار معيب ولا يوجد به أدنى درجات التقدير، وخاض لمزاجيات موجة اليمين المتطرف التي ضربت العالم أجمع، وليس الكويت وحدها، ولكننا فعلناها قبل العالم، وقررنا أن نكافئ من أفنى عمره في العمل معنا بأن نطرده بطريقة أقل ما يمكن أن توصف به أنها مهينة له ولنا على حد السواء، فهذا الفعل/ القرار ليس كويتيا، أعني ليس من الشيم الكويتية.
***
إصلاح التركيبة السكانية لا يكون من باب المساكين الذين رغب بعض منهم ان يتقاعد هنا ويعيش ويدفن هنا، إصلاح التركيبة السكانية إذا كنتم جادين، عليكم بهوامير العقود المليونية، عليكم بتجار الإقامات من ثقال الوزن ممن لم يتعرض لهم أحد حتى الآن، وليس من باب الوافدين الضعفاء.
***
«شتبي فيه عمره صك الستين؟!»، عاش منهم على الأقل 35 سنة، لم يخالف ولم يرتكب جرما ولم يتجاوز على أحد، وعمل بجدّه وكدّه وتعبه ولم يسألك صدقة ولا معروفا، سواء كان إداريا أو عاملا حرفيا بسيطا، ليس من شأنك أن تنهي وجوده من البلد بسبب عمر حدده قرار حكومي ظالم، نعم ظالم، هذا القرار إن كان ولابد «متخذ» فلابد ان يكون بالتدريج البسيط وعلى القادمين الجدد وليس من عاش على هذه الأرض أكثر من ثلث أو نصف عمره، وتأتي أنت هنا بقرار متسرع لتطرده من الجنة.
***
نحن كمن يقول انت مرحب بك بيننا ما دمت شابا قادرا على العطاء، وبعد أن نستنفد زهرة شبابك وجهدك فلا مكان لك بيننا واخرج إلى غير عودة، هذه ليست من شيم الأخلاق الكويتية التي عرفنا بها العالم اجمع.
***
نحن لسنا هكذا ككويتيين ولن نكون هكذا، ولا يُفترض أن نسمح للنفس العنصري أن ينتشر، فالكويتيون خيرهم على الخارج لا يُنكر من تبرعات وصدقات في اغلب الدول الفقيرة، أفنكون خيّرين خارج بلدنا وفي بلدنا نمنع الخير عمن يستحق دون أن يطلب صدقة مما، لا يطلب سوى ان يعيش في ستر ورضا بقية عمره الذي قضى ثلثيه منه معنا؟!
***
القرار لابد أن يتغير، على الأقل لا يخرج بهذه الصورة المتسرعة، وكما قلت علاج التركيبة السكانية لا يكون من باب من اشتعل رأسه شيباً تحت شمس الكويت في عمل وكفاح، بل من باب حرامية الإقامات والعقود المليارية ممن ملأوا البلد بعمالة الدينار الرخيص.
[email protected]