يقول د.عمر الهزازي أستاذ الكيمياء الفيزيائيــة بجامعــة أم القرى بمكة المكرمة في تغريدة له: «كنت يوما مسؤولا، وكان جوالي يرن بالليل والنهار، هذا يطمئن، وهذا يُسلم، وهذا يجدد العهد، وهذا يدعوني للعشاء، وهذا يزورني ويقبّل خدي أكثر من تقبيله لعروسه، وهذا يقول: رأيتك بالمنام وقد صرت وزيرا، وهذا يدعو لي أكثر من دعائه لأمه، وفجأة ذهب المنصب فسكت الجوال، وتوقف الدعاء والرؤى بالمنام».
***
أعادتني تغريدة د.الهزازي لموقف حصل مع مسؤول كويتي كريم حصل معه الموقف مرتين متتاليتين، أي «دبل» ما حصل مع الدكتور، وأذكر أن المسؤول الكويتي كان يشتكي من كثرة الاتصالات عندما تولى منصبه التنفيذي الأول، بل أن مدير مكتبه كان يشتكي من كثرة المتصلين والمواعيد حتى أن عمله بالوزارة يستمر من السابعة صباحا حتى الثامنة ليلا بشكل يومي بسبب تلك المواعيد.
***
لظروف سياسية عاتية ترك المسؤول الكويتي منصبه الأول، وظل عاطلا سياسيا لمدة 6 أشهر، وتقلص عدد رواد ديوانيته إلى أقل من الخمس ولم يداوم على الحضور فيها سوى 5 أشخاص وشخص سادس يدخل بالخطأ وسابع من جيران المسؤول، أما الاتصالات وكما أسرّ لي ذات بوح فقد انخفضت 99%ولم يظل هاتفه يستقبل سوى اتصالات الأقرباء والأصدقاء المقربين وعملاء تسويق شركات الاتصال وطلبات التبرع للجمعيات الخيرية، واختفى من حياته السياسية عشرات من كانوا يمرون عليه في مكتبه كل صباح ليتباركوا بطلته البهية قبل ان يذهبوا إلى أعمالهم.
***
6 أشهر عاشها صديقي المسؤول الطيب في حالة البطالة السياسية، قبل أن يصدر لاحقا قرار بإعادة تنصيبه في مركز لا يقل أهمية عن منصبه الأول، ومعها عادت الاتصالات وعادت الديوانية للامتلاء بطوابير المنافقين الاجتماعيين الذين اختفوا لستة أشهر، أحدهم من المقربين الذين اختفوا سأله المسؤول بثقل: وينك اختفيت عنا 6 أشهر؟!، فأجابه المختفي العائد: كنت مع الوالدة علاج في الخارج طال عمرك؟! ليكتشف خلال تلك الليلة المسؤول أن المختفي كاذب وأن أمه ماتت منذ 10 سنوات.
***
طبعا أنا لا أعرف بأي وجه يختفي المنافقون الاجتماعيون عندما تختفي مصلحتهم من صاحب المنصب ويعودون عندما تعود، لا دم ولا أخلاق ولا ذرة إحساس بخجل، وجوه «مغسولة بمرق»، كل مسؤول سابق سواء أكان طيبا أو نص طيب مر بهذه التجربة بعد أن ينفض من حوله القوم حالما خروجه من منصبه القيادي وزيرا كان أو وكيلا أو ضابطا برتبة كبيرة.
***
هذه الشريحة هي الوجه الأسود في حياتنا الاجتماعية، المصيبة ان هؤلاء المنافقين هم من «يمشي شغلهم» فكل يوم لهم «معزب» جديد هم تجار الإقامات الصغار، هم نصابو العقارات هم السبب وراء تضمين 95% من المحلات التجارية وخلق أسواق سوداء موازية ورفع الأسعار، هؤلاء هم من استحلوا غسيل الأموال وضربوا خاصرة الوطن الاقتصادية، حضورهم دواوين المسؤولين مصلحي الطابع وليس اجتماعيا، هؤلاء من يظهرون في تويتر وينادون بالإصلاح ويدّعون المثالية في العالم الافتراضي، وفي العالم الواقعي لا يتورعون عن سرقة الكحل من عين المال العام بأي وسيلة ممكنة ومنها التملق للمسؤولين في دواوينهم.
***
عامة الشرهة على المسؤولين الذين «يوجبون» ويمررون معاملات هذه الأشكال الذين يجيد معظمهم التملق عن طريق المديح الزائد، عموما.. هذا جزء من الحياة الاجتماعية السرية في الكويت.
[email protected]