لقد سنّت الولايات المتحدة الأميركية مجموعة قوانين «تمنع الإيذاء النفسي والجسدي والجنسي ضد الأطفال»، وذلك بسبب دراسات مستفيضة تؤكد أن معظم القتلة والمغتصِبين بكسر الصاد، تم تعرضهم في طفولتهم أو خلال تربيتهم من الأم أو الأب أو زوج الأم أو زوجة الأب للإيذاء بأنواعه المختلفة السالفة الذكر.
تقول الأخت التي نقلت إليّ ما شاهدته بأم عينها، أن طفلا قد تعرض للإيذاء الجسدي والنفسي من قبل والدته في إحدى المدارس خلال حضورها درسا مقاما في فصل ابنها، وكانت الأم تشتكي حيث إن ابنها لم يشارك قط في الحصة (بط كبدها) وعند انتهاء الدرس رغب الولد في مصاحبتها للمنزل إلا أن الأم رفضت وقامت بضربه بعنف، كان المنظر غريبا، والكل يشاهد مستغربا، والأم لا تتوقف عن الضرب، بل دفعت وليدها إلى الحائط، وذهبت دون أي شعور بالذنب، ولم يشفع بكاء الصغير له واستعطافه لأمه، واستمر بكاؤه حتى نهاية اليوم الدراسي!
إن هذا الطفل الصغير بالصف الأول الابتدائي هو الضحية، حيث إنه أكثر عرضة للإجرام والانحراف الأخلاقي، وذلك بسبب ما واجهه في طفولته من اعتداء جسدي مستمر، وكذلك بسبب جهل الأم بنتائج سلوكها العنيف تجاه ابنها.
قد تكون مبررات سلوك الطفل في تتبع أمه وعدم رغبته في المشاركة مع المعلمة هو شعوره بالخجل من وجود أمه بالفصل لأول مرة، أو لأنه يحب أمه، فلم يستطع المشاركة مع معلمته، ولذلك لم يكن سلوكه كما توقعته، أوأنه شعر بالتغيير في بيئة الفصل، أو بسبب حضور عدد من أولياء الأمور، وقد تكون هناك أسباب أخرى يعاني منها الطفل كالألم أو غيره.
في الواقع هذه الأم فكرت فقط في العقاب وذلك للهروب من الموقف، ولكن للأسف كان ذلك على حساب تدمير شخصية طفلها ومستقبله.
كثيرا ما تمر علينا مثل هذه المواقف في مجتمعنا، ولذلك اقترح توفير «محقق» يتم الاتصال به، للتحقيق في مثل هذه الحالات داخل المدرسة، ويتم إلزام ولي الأمر بذلك، وكذلك حضور دورات تمكنه من إدارة العنف، وتوفير خط ساخن للإبلاغ عن مثل هذه الحوادث، وذلك من أجل الحفاظ على الأجيال القادمة من التدمير العشوائي غير المقصود، نتيجة الجهل أو التوتر أو مرض أحد الوالدين أو الإخوة أو الأقارب بمرض نفسي.
ونصيحتي لجميع أولياء الأمور والمختصين عند المرور بمثل هذه المواقف
أولا: تحديد مبررات للطفل لتفهّم سلوكه.
ثانيا: تحديد مصدر المشكلة لأنه وفي بعض الأحيان عندما نتوتر أو نغضب نضخم من حجم المشكلة على الرغم من بساطتها.
ثالثا: التخفيف من الغضب مما يسهل معالجة الأمر كله دون إيذاء الطفل.
رابعا: تقدير واحترام الطفل لأنه روح وهبة من الله، ولا تجب إهانتها.
خامسا: نتذكر دائما أن العنف يقتل الإبداع، والثقة بالنفس.
سادسا: حقيقة لابد من تصديقها «أن طفل اليوم ليس هو طفل الأمس» وأسلوب العنف لا يصلح لتربية طفل اليوم.
سابعا: أطفالنا هم انعكاس لسلوكنا، وعليه يجب تعديل أنفسنا. والله ولي التوفيق.
[email protected]
drzainbalhasawi@