عرف عن الكويت منذ نشأتها وبداية نهضتها الحديثة اهتمامها بالعلم والعلماء منذ اكثر من قرن كامل عندما كانت البداية بالتعليم الأولي، وكان يسمى بالكتاتيب عن طريق المطوع والمطوعة اللذين يقومان بتعليم الأطفال القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية وشيء من الحساب إلى أن إلى افتتحت أول مدرسة في بداية القرن الماضي وتلتها مدارس أخرى إلى أن توسع التعليم على جميع المراحل وارسل الطلبة لمواصلة تعليهم في الخارج وبعدها افتتحت جامعة الكويت في منتصف الستينيات وكانت أولى الجامعات في المنطقة، هذا مختصر بسيط لمدى اهتمام الدولة بالتعليم وتشجيع الطلاب على التفوق والتميز.
ما الذي تغير اليوم بعد كل هذا المشوار الطويل؟ أبناؤنا الذين قمنا بتدريسهم وصرفت عليهم الدولة الأموال الطائلة لكي يتخرجوا من أفضل الجامعات في العالم، وأعني هنا الشباب المخترعين والمتميزين في التخصصات الطبية والهندسية وكافة العلوم البحثية والفنية الذين رفعوا اسم الكويت عاليا في المحافل الدولية، وربما أن الكثير من الشعوب لا تعرف الكويت، وأين تقع، ومن خلال هؤلاء المتميزين من أبنائنا عرفنا العالم وأعجب بقدراتنا وأفكارنا واطلاعنا أن هؤلاء المخترعين الذين أذهلوا العالم ومنهم من وضعت صوره واختراعاته في مجلات علمية مرموقة ومحكمة هم أنفسهم صدموا من الواقع المرير في بلادهم عندما فوجئوا بردود الأفعال الباهتة التي جعلت أحلامهم وطموحاتهم تتبدد وتتبعثر مع الريح بعد جهد وتعب ومعاناة، يرون مشاريعهم واختراعاتهم تركن لا تستخدم ولا تناقش مع أن فوائدها ستكون كبيرة ومردودها أكبر على الدولة سواء كانت على مستوى الطب أو الهندسة أو الكهرباء والطاقة وغيرها من الاختراعات التي تصب في خدمة البلاد والعباد.
أولى درجات اليأس والإحباط يشعر بها المخترع إذا وصل لبلاده وهو فرح ونفسه تعلوها الزهو والفخر فيفاجأ في صالة المطار بالنكران واللامبالاة عندما لا يجد أحدا من المسؤولين في استقباله وتهنئته وتشجيعه مع العلم أن كثيرا من الدول تحاول جذبهم وتقدم لهم العروض المغرية ليعملوا عندها ومع ذلك يرفضون ويتمسكون بوطنهم، نتمنى أن تتغير هذه السياسة وان ترعى الحكومة أبناء الوطن ولا تهملهم وان تقدم لهم كل الدعم حتى يبدعوا ويقدموا كل ما عندهم.
أما إذا استمر الوضع على هذا الحال فإنهم سيهاجرون إلى بلدان أخرى تقدر مجهودهم وعقولهم وطاقاتهم وعندها لن ينفع الندم، فهل ستسارع الدولة وتحتوي علماءها ام ان الوضع سيبقى كما هو عليه؟.. الله المستعان.
[email protected]