قبل أزمة كورونا ظهرت على السطح قضية كبيرة وخطيرة تحمل في طياتها العديد من المساوئ وكل الصفات الخبيثة التي يبتعد عنها كل إنسان يخاف الله ألا وهي قضية تزوير الشهادات العلمية، والطامة الكبرى إذا كانت اغلبها تتعلق بشهادات الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه، لا شك أن من يقدم على مثل هذه الخطوة ليست لديه أمانة ولا يعترف بالحلال أو الحرام، وحاله حال السارق الذي يسطو على ممتلكات الآخرين، بمعنى أن الجميع لصوص ولكن الأول يسرق وينهب ولا يخبر الآخرين.
أما اللص الثاني فيعلن عن سرقته ويتباهى بها أمام الملأ يعني الأول يخجل ويستحي، بينما الثاني منعدمة عنده صفة الخجل والحياء.
إن ما جعل هؤلاء الأشخاص يتمادون ويتكاثرون هو ضعف القانون والتساهل من قبل الجهات العلمية والرقابية التي جعلتهم ينتسبون للجامعات الوهمية التي تبيع الشهادات بأساليب مختلفة سواء كانت في بعض الدول العربية أو الأجنبية، الحكومة عندما استفحلت القضية وفاحت ريحتها وأصبح الناس يتحدثون بصوت عال ويحتجون على الفساد، تحركت من خلال وزاراتها المختصة والجهات المعنية، وبالفعل قامت بتحويل الكثير منهم إلى النيابة وبعضهم صدرت بالفعل عليهم أحكام.
ربما أن ظروف الجائحة أبطأت وأخرت عملية متابعة وملاحقة المزورين والعابثين لكنني متأكد أن وزارة التعليم العالي تقوم بجهد جبار من خلال فتح الملفات والتنسيق مع الجهات الأخرى لضبط كل من حصل على الشهادة بطرق غير مشروعة وإحالته إلى القضاء للتحقيق معه ومعاقبته.
المحزن في الأمر أن هناك أسماء كثيرة كانوا محل ثقة عند الناس ومقدرين لديهم، خاصة أن منهم أصحاب مناصب.
والغريب أن معظم من حصلوا على الشهادات كانوا على رأس عملهم ولم يخرجوا في إجازات للحصول عليها، إذا كان هذا أسلوبهم فكيف كان عملهم إذن؟ هل كانوا أمينين عليه؟
إن الناس لا يخفى عليها شيء وتعرف الحق من الباطل، ومن يقوم بمثل هذه الأفعال مع مرور الأيام يصبح أضحوكة ومحل سخرية عند الآخرين، الطلبة الحقيقيون الذي يبعثون للدراسة في الخارج من أجل الحصول على درجة الدكتوراه من معيدين في الجامعة أو التطبيقي أو أطباء أو في باقي المهن تستغرق دراستهم سنوات طويلة وغربة وبحثا في المراجع والمجلدات ومحاضرات دراسية حتى يحصلوا على الشهادة، وجماعة اللعب والتزوير تأتيه شهادته بالبريد دون عناء أو يذهب لجامعات غير معترف بها في السنة مرة واحدة أو اثنتين لأيام معدودة من أجل دفع الرسوم لمواصلة مشوار الغش والتدليس.
لذا، فإن من يحمل شهادة متوسطة أو ثانوية بتعبه يكون مقدرا في عيون الناس أكثر من المتلاعبين لأنه اكتفى بما حصل عليه ولم يقم بمثل هذه الأفعال المشينة.
نحن نعيش حاليا مرحلة اجتثاث الفساد في كل الأماكن وهذا الموضوع يجب أن يكون عند الحكومة على سلم الأولويات، وألا تتهاون فيه حتى يتحقق العدل بين الناس ويبقى المجتمع نظيفا من كل الشوائب التي تقف عقبه في طريق تطوره وتقدمه.
[email protected]