حقيقة عندما يسمع أحدنا هذا المسمى لابد وأن يشعر بالضيق والاشمئزاز، لأنه مرض مكروه وعلاجه صعب، ينتشر في جسم الإنسان بسرعة فائقة، وربما أن المصاب لا يشعر به إلا بعد أن يتمكن منه المرض، إن العلماء والأطباء مازالوا حتى يومنا هذا يبحثون ويبتكرون العديد من التجارب الدوائية من خلال المختبرات المتطورة للتوصل إلى دواء يقضي على هذا المرض العضال نهائيا.
لا شك انه بين فترة وأخرى يتم الإعلان عن اكتشاف دواء يكافح هذا المرض او يتعامل معه الجسم المصاب بأسلوب مختلف، إلا انه لم يثبت بالفعل أن هناك دواء بعينه يقضي نهائيا على مثل هذه النوعية من الأمراض التي لا تترك أي عضو في جسم الإنسان إلا وتصيبه، سواء كان في القولون أو المستقيم أو البنكرياس أو الثدي عند النساء، نعرف أن العلاج يتركز على الأدوية الكيميائية والإشعاعية والمناعية التي تحاول أن تحد من هذا المرض وتوقف انتشاره، إضافة إلى العمليات الجراحية، ولا شك أن هناك الكثيرين تشافوا من هذا المرض، بفضل من الله، ثم هذه العلاجات، وبالمقابل هناك أشخاص لم يحققوا النتائج المرجوة من هذه العلاجات.
في الثمانينيات من القرن الماضي وما سبق غزو الكويت من قبل النظام العراقي البائد لم نكن نعرف هذا المرض أو نسمع عنه إلا فيما ندر، وهذا ما جعل الكثيرين يرون أن الأعداد المهولة من الجيوش التي دخلت بلادنا والمعدات العسكرية والأسلحة المتطورة التي استخدمت في الحرب وما صاحبها من مخلفات وإشعاعات وملوثات تسببت في زيادة الإصابات بمرض السرطان وانتشاره بالشكل الكبير، والغريب الذي نراه اليوم في الكويت أن كلا منا اليوم له قريب أو صديق أو زميل عمل أو جار مصاب بهذا المرض الخبيث، ويرى ما يخلفه هذا المرض من أثر نفسي على المريض وعلى أسرته وكل من حوله.
اليوم الدولة وأهل الخير من المتبرعين قاموا مشكورين ببناء الكثير من المستشفيات المختصة بعلاج هذه الأمراض، والتي يذهب لمراجعتها والعلاج والتداوي بها الآلاف من الناس بشكل يومي، إضافة إلى إرسال الدولة للكثير من المرضى في مختلف مستشفيات العالم، وقيام وزارة الصحة أيضا بتنظيم برامج الفحص المبكر بشكل دوري للكشف عن هذا المرض ومحاولة القضاء عليه في بداياته، وهذه كلها جهود محمودة ومقدرة، إلا انه يجب أن تقوم الدولة باقتلاع هذا المرض من جذوره ومعرفة الدوافع والأسباب الرئيسية التي أدت إلى استفحاله في مجتمعنا الصغير من خلال عمل مؤتمر وطني كبير تشارك فيه جميع الجهات المختصة للتباحث والتدارس والقيام بتقييم وتحليل أوضاع البيئة البحرية والبرية ونسب التلوث في الهواء وفي المصانع والشوارع والأطعمة وغيرها من الملحقات، لمحاولة معرفة الخلل والوصول إلى البؤرة والنقطة التي تفرز مثل هذه السموم التي تسببت في تلك الأمراض وأنهكت أجساد البشر وزرعت الحسرة والألم في نفوس المرضى وأسرهم وفرقت بينهم، وأصبح الحزن مصاحبا للكثير من البيوت والعوائل.
توضح الإحصائيات في السنوات الأخيرة أن الإصابة بهذا المرض في ازدياد مستمر، فإذا لم تسارع الحكومة باتخاذ الإجراءات الصحية والوقائية فإن الوضع سيتفاقم في المستقبل وتحدث أمور لا يحمد عقباها، فهل من منقذ؟ فهل من مجيب؟
ليس بإمكاننا في هذا الشهر الفضيل إلا طلب التوسل والرجاء من الله سبحانه وتعالى أن يخفف ويرفع الألم والتعب عمن ابتلوا بهذا المرض، وأن يعجل بشفائهم، ونسأله جلت قدرته أن يرحم من توفاه الله منهم برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته.
[email protected]