الناس يختلفون في طباعهم، فيهم الحزين والسعيد، المتفائل والمتشائم، لكن السؤال هنا: هل الفرح أو التفاؤل يتناسب أو يتطابق دائما مع الحقيقة؟ بمعنى إذا كان الفرد يرى الصورة واضحة وجلية أمام عينه وهي معاكسة لمنطق الفرح والتفاؤل هل يستمر في تفاؤله؟ مثلا نحن نرى الشوارع عندنا متهالكة ومهترئة، والناس تتذمر بأعلى صوتها ولا حياة لمن تنادي، هل تفاؤلنا هنا سيكون كذبا على النفس أم حقيقة نخفيها أم ماذا؟
طبعا نحن هنا لسنا بصدد إظهار القصور والمشكلات التي تحدث عندنا في جوانب مختلفة وقطاعات متعددة في الدولة سواء في التعليم أو الصحة والكثير من الأمور لأننا لن ننتهي، كلامنا عن نقطة رئيسية وهي المبالغة في التفاؤل أو ادعاء أنه أمر محمود ومطلوب حتى لو أن الواقع مغاير تماما للصورة الذهنية في عقولنا.
التفاؤل بهذا الشكل يعد نوعا من خداع النفس ثم خداع الناس وإيهامهم بأن المستقبل أجمل ويجب ألا نيأس وغيره من الكلام المأخوذ خيره، لأن هذا يدخل في عالم الأمنيات والرجاء من الله سبحانه وتعالى بأن يبدل الأحوال إلى الأفضل، والتمني دائما ما يكون أسلوبا للعاجز أو الذي ليس بيده حيلة، اليوم نرى عبارات نتمنى ونتفاءل يطلقها الكثير من المسؤولين وهي مجرد كلمات مطاطة ليست ذات دلالات واضحة وواقعية، واستخدامها باستمرار لا يمكن أن يبني وطنا أو يعمل على تقدمه وتطوره، إلا إذا بدأ العمل فعليا بالمشاريع التنموية والتوسعية والترفيهية وغيرها واتضحت معه نسب الإنجاز وفترة الانتهاء من تلك المشاريع عندئذ من الممكن أن يحق لنا أن نتفاءل وتكون الكلمة في محلها، لكن للأسف يظل كل شيء عندنا مثل ما هو والدول من حولنا تتسابق مع الزمن وأنجزت بالفعل العديد من المشاريع العملاقة التي تمنحهم الحق بالتفاؤل، أما نحن إذا استمر تعايشنا مع هذا الواقع المحزن والحقيقة المرة فإننا سنبقى رهينة للأحلام والأمنيات، هل ستدور العجلة ونتفاءل بحق في المستقبل القريب؟
[email protected]