مع انتشار وسائل التكنولوجيا المختلفة بين الناس وخصوصا استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتوتر والانستغرام وغيرها التبس على الكثيرين الفرق بين معنى مصطلحي الحرية والفوضى، ولا شك ان هناك خيطا رفيعا بين المعنيين، فمنهم من يري أن التعرض لخصوصيات الناس والتطاول عليهم تعبيرا عن حرية رأي ويعتبرونه امرا عاديا وآخرون يرون أنها فوضى وتجاوز وقلة أدب ويجب أن يعاقبهم القانون لكي يرتدعوا.
ان مفهوم الحريات والتعبير عن الرأي لا يمكن أن تختلف مفاهيمها في اي مكان في العالم، ولكن ربما أن بعض الدول التي توجد فيها أحزاب سياسية وتكتلات وتحالفات تكيف الحرية والديمقراطية على أهوائها بحسب متطلبات المراحل والمصالح والمواقف المختلفة، كل هذا بالطبع كان ما قبل أن تنتشر الأساليب الحديثة وسهولة التنقل بها بعدما أصبح كل شيء في جهاز صغير يتنقل من خلاله إلى مختلف دول العالم بكل سهولة.
جميعنا يعرف ان وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في إسقاط أنظمة وحكومات في فترة ثورات الربيع العربي التي طالت العديد من الدول العربية وكانت النهاية حزينة وسيئة ولم تكشف عن ربيع وإنما نتج عنها ضياع وتشتت ودمار وكل هذا كان بفضل هذه الوسائل الحديثة.
ما يهمنا في هذا الاتجاه هو بلدنا وشعبنا الذين عانيا كثيرا في البدايات من ظلم وهجوم وصراعات وسب وشتم بين الإفراد بحجة الديموقراطية والحرية والتعبير عن الرأي، والناس معظمهم لا يلام خصوصا من سار مع التيار في «توتير» وكان منهم من يعيد التغريدات ومنهم من يكتب بشكل متهور ويهاجم الأشخاص دون دليل، وآخرون يتعرضون للأعراض والناس ترى وتقرأ وتردد ما يكتب معتقدين أنها حرية وديمقراطية بينما هي تعد غيبة ونميمة وتشويها لسمعة البشر وليست لها علاقة بحرية او ديمقراطية.
لذلك نتمنى على البعض أن يفرقوا بين مفهوم الحرية المعتدلة التي لا تتسبب في الضرر للآخرين والديموقراطية الحقيقية وحرية الرأي التي تنتقد الأشخاص بوظائفهم ومناصبهم التي يتبوؤنها بأمانة ومسؤولية وليس التعرض لشخوصهم وحياتهم الخاصة وتشويه سمعتهم والإضرار بهم من أجل كسب اكبر عدد من المتابعين وتحقيق الشهرة على حسابهم، من الصعب السيطرة على مثل هذه الأمور بالكامل، ولكن الأهم هو الناس انفسهم الذين يستخدمون هذه المواقع والوسائل وعملية اختيارهم لما هو جيد وترك الغث والتفريق والتمييز والفصل بين حرية الرأي والفوضى.
[email protected]