- الماص: التعدي على حق المرأة في مالها يعد بهتاناً وإثماً مبيناً كما بينت الآيات
- السويلم: واجب على الطرفين أن يتسامحا حتى لا تتسع هوة الخلاف بينهما
لما كان الزواج أساسا لعمران المجتمع فقد اعتنى القرآن الكريم بالحياة الزوجية أيما عناية وأرادها قائمة على المودة والرحمة والتراضي والتشاور والتعاون.
و«الإيمان» تطرح نهج التعاون الأسري الذي يضمن الحقوق المتوازنة لكلا الطرفين.
في البداية يقول الداعية د.خالد السلطان قال الله تعالى: (ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) فالزواج الصالح يجب ان يقوم على المودة والرحمة وكل زواج يقوم على غيرهما لا يقوم على النهج الإسلامي الصحيح، ثم ان الله تعالى وهو العليم بخلقه رسم للأزواج سبيل التصالح ان وقع بينهما شقاق في قوله تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا) وكذلك قوله تعالى (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وان تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا).
وأكد د.السلطان على أهمية العمل لتحقيق الخير اذ قال الله تعالى (والصلح خير) ويؤخذ من مفهوم المخالفة ان الفرقة شر، وكيف لا تكون شرا وفيها شتات الأسرة وتقويض بنيانها، موضحا ذلك بأن القرآن الكريم حرص في أكثر من موضع على صيانة كيان الأسرة ووضع الحلول لتفادي مساوئ افتراق الزوجين وكفى عظة للمؤمنين ما حكاه الله في سورة المجادلة من ان يستمع الله في عليائه لزوجة تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها وتنتهي القصة بحكم شرعي يلم شتات الأسرة ويبقي على سعادة الزوجين والأولاد، ونوه د.السلطان بألا ننسى ان سورة المجادلة قد رفعت مكانة السيدة خولة بل خلدتها في النساء كما انها أبرزت إخلاصها لزوجها ولأولادها وضربت للزوجات مثلا باقيا بقاء السموات والأراضين.
الأسرة
وعن الأسباب التي تحقق للأسرة صفاءها وسلامتها قال د.بدر الماص: لا شك ان الله سبحانه وتعالى قد رسم في كتابه الكريم أسبابإزالة هذا الجفاء منها التراضي والتشاور فقال سبحانه وتعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف، لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وان أردتم ان تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم اذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا ان الله بما تعملون بصير)، واذا كان الله يريد من الزوجين ان يتم فصام الطفل عن تراض وتشاور بين الزوجين فبالقياس يجب على الزوجين ان يقوم بينهما التراضي والتشاور في الأمور الأخرى التي تمس صالح الأسرة فلا ينفرد بها الزوج عن تعنت ولا تستقل بها الزوجة عن امره فيدب الخلاف الذي قد تسود عقباه.
التعاون المالي
وأوضح الماص كيفية التعاون المالي بين الزوجين مع ان الإسلام قد جعل النفقة على عاتق الرجل في قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، وان الله تعالى دعا النساء الى التعاون المالي مع ازواجهن بتعبير جميل في قوله تعالى (وآوتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مرئيا) وبقوله تعالى (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا) استبعد ان يأخذ المال عنوة من النساء أو تحت تهديد الطلاق أو الفراق وفي حين يكون المال المأخوذ عن طيب نفس من الزوجة هنيئا مريئا يكون التعدي على حقها في مالها بهتانا وإثما مبينا كما بينت الآية الكريمة.
وضرب د.الماص مثلا بالسيدة خديجة أم المؤمنين عليها السلام وقد أعانت الرسول صلى الله عليه وسلم بمالها وكان يثني عليها في هذا الموقف ويقول مشيرا الى فضلها «آمنت بي حين كذبني الناس وواستني بمالها حين حرمني الناس»، ولذا فإن الرجال الذين لا يقومون بواجب النفقة على الأسرة مخطئون واللائي يتخلين من النساء الموسرات عن معاونة الأسرة مخطئات وواجب على الطرفين ان يتراحما ويصححا موقفهما ويذعنا لإرشاد الله الذي لا يعلوه إرشاد.
المصابرة
وكيف يكون الصبر طريقا الى الجنة؟ يقول الداعية يوسف السويلم ان المصابرة بين الزوجين واجبة لصيانة كيان الأسرة وهي مأجورة من الله تعالى ولو فهم الأزواج روح الدين ما قام بين الزوجين شقاق لأتفه الأسباب ولابد ان يفهم الطرفان أنهما بشر وتقع الخطيئة من كل منهما وواجب على الطرفين ان يتسامحا حتى لا تتسع شقة الخلاف، وعند استحكام الخلاف يجب ان يتدخل العقلاء من أهل الزوج والزوجة لإصلاح ذات البين ويجب ان يستمع الزوجان الى نصيحة العقلاء.
وما أحلى ما بقول الله إرشادا لهما في هذا المقام (ان يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)، ويجب على الزوجين التماس العذر لبعضهما البعض حتى يتغلبا على هواجس النفس والشيطان ولا يقوم بينهما سوء ظن يتبعه نفور مستحكم، كذلك يجب على كل منهما ان يجاهد نفسه في نزعات الهوى التي قد تنشأ عن اختلاف الشكل فكثيرا ما يعوض الله بعض النقائص بفضائل خلقية أو عقلية واذا نظر كل الى المجموع ارتاح لدوام العشرة.
رعاية الأولاد
وأضاف السويلم ان الأولاد أمانة في أعناق آبائهم وأمهاتهم ويجب على الوالدين رعاية أولادهم في عقائدهم وأخلاقهم كما يجب عليهم العدل بينهم وعدم التمييز بحجج لا يرضاها الله ورسوله، فاما عن العقيدة فانظروا الى عناية يعقوب عليه السلام بها، وهو على فراش الموت (ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) اما عن العدل فما أوضح قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك). وأكد السويلم على اننا لو طبقنا عمليا هذه الصفات لخشعت قلوبنا وجوارحنا لله، وكنا من عباده الصالحين الذين نسبهم اليه تعالى تشريفا لاقدارهم وقال في وصفهم (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما انها ساءت مستقرا ومقاما).