جاء النبي صلى الله عليه وسلم الى بيت ابي بكر وقت الهجرة على غير مألوفه، فقال الصديق لابنتيه عائشة واسماء: ما جاء رسول الله في هذه الساعة الا لأمر حدث.
وحينئذ قال الرسول لابي بكر:
أخرج عني من عندك!
فقال ابوبكر: يا رسول الله، انما هما ابنتاي، وما ذاك فداك ابي وامي؟
قال صلى الله عليه وسلم: ان الله اذن في الخروج للهجرة.
ابوبكر: الصحبة يا رسول الله، وقال الرسول: الصحبة.
وبكى ابوبكر فرحا وقال يا نبي الله ان هاتين راحلتين قد اعددتهما لهذا. وفي اللحظة الموعودة خرجا الى الغار، واقاما هناك ثلاثا، ثم ارتحلا في رعاية الله وحمايته. وعندما احس المشركون بهجرة ابي بكر مع الرسول، جاء ابوجهل في حماية منهم الى بيت ابي بكر فخرجت اليهم اسماء بنت ابي بكر، قال ابوجهل: اين ابوك؟ فردت: لا ادري والله اين ابي! فلطمها عدو الله بشدة على خدها فطرح قرطها.
وجاء ابوقحافة (والد ابي بكر) الى اسماء حين سمع بنبأ هجرة ابنه الى يثرب، وكان قد ذهب بصره.
وقال لها: والله اني لاراه قد فجعكم بماله مع نفسه!
اسماء: كلا يا أبتِ، انه قد ترك لنا خيرا كثيرا.
ثم وضعت يده على كيس به قطع صغيرة من الحجارة فظن انها مال وقال: لا بأس اذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن.
المؤامرة
عن المؤامرة التي دبرها المشركون في دار الندوة للخلاص من النبي صلى الله عليه وسلم يقول د.أحمد عبدالرحمن استاذ الفلسفة الاسلامية.
لما رأت قريش انه قد اصبح للنبي صلى الله عليه وسلم انصار كثيرون من اهل يثرب، حذر المشركون خروج الرسول ليقينهم بأنه اجمع على حربهم واجتمعوا في دار الندوة يتشاورون في امره، فتشاوروا قليلا بينهم ثم قال النضر بن الحارث: احبسوه في الحديد واغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما اصاب اشباهه من الشعراء الذين كانوا من قبله.
عتبة: ماذا ترى يا امية بن خلف؟ انحبسه كما يرى النضر؟
أمية: لا وليه ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره فتشاوروا عليه!
عتبة: ماذا ترى يا منبه بن الحجاج؟
منبه: أرى ان نخرجه من بين اظهرنا فننفيه من بلادنا، ولا نبالي اين ذهب.
عتبة: أرى كأنكم توافقون على رأي منبه هذا، ماذا ترى يا امية بن خلف؟
امية: والله ما هذا لكم برأي، الم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟
عتبة: فأين رأيك يا أبا جهل؟ اترانا على هذه الحيرة ونلوذ بالصمت؟
ابوجهل: والله ان لي فيه رأيا ما اراكم وقعتم عليه بعد ارى ان نأخذ من كل قبيلة شابا فتيا نسيبا وسيطا فينا، ثم نعطي كل فتى سيفا صارما فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه ويتفرق دمه بين القبائل.
أمية: القول ما قلت يا ابا الحكم.
النضر: نعم الرأي رأيك يا أبا الحكم.
عتبة: اذن فلنجمع فتيانا، ولنأمرنهم باللحاق بداره قبل ان يرحل عنا فوالله ما اراها الا ليلة واحدة ثم لا تجدون له بينكم اثرا.
وجاء جبريل بالخبر الى رسول الله فجعل علي بن ابي طالب يبيت مكانه وخرج الرسول على الفتيان المسلحين بعد ان اعمى الله ابصارهم فلم يروه بعد ان نثر التراب على رؤوسهم وفشلت المؤامرة.