عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله: أي الإسلام افضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، وهذا يدل على أن أفضل خصال الإسلام كف الأذى وتحريم ايذاء المسلم بقول أو فعل بغير وجه حق، بل ان من الصدقة التي يتصدق بها المرء على نفسه كف الأذى عن الناس، ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل افضل؟ قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله، قلت: فأي الرقاب افضل؟ قال: أعلاها ثمنا وانفسها عند اهلها، قلت فان لم افعل؟ قال: تعين صانعا او تصنع لأخرق قال: فإن لم افعل؟ قال: تدع الناس عن الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك او تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك، واما من يؤذي الناس فهو ظالم وباغ وعليه ان يحذر دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
وقد دلت آيات القرآن الكريم على تحريم ايذاء المسلم بقول أو فعل بغير وجه حق، ووجوب رفع الأذى عن المسلمين، قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتناجى اثنان دون واحد فإن ذلك يؤذي المؤمن».
وبمناسبة حج بيت الله الحرام، نوجه كلمة لمن يسّر الله له هذه الفريضة ان يتحلى بخلق «كف الأذى» عن الآخرين والصبر على اذاهم ابتغاء الأجر والثواب من الله عز وجل، قال تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، وعليه التقرب بالقربات والتنزه عن اقتراف السيئات، فإنه بذلك يكون حجا مبرورا، والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة، واما الفسق والجدال وان كان ممنوعا في كل زمان ومكان فإنه يتغلظ المنع عنه في الحج، فعلى اخواننا الحجاج ان يحافظوا على حجهم من النقص وان يتحمل بعضهم خطأ بعض فيعفو عنه ويصبر ويكف ويبتعد عن الاذية او التفكير فيها في تلك الاماكن المقدسة مطلقا فضلا عن فعلها، ذلك ان الله قد توعد من هم بالذنب والظلم والايذاء في الحرم بالعقوبة، فقال تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)، فمن نوى ان يظلم في الحرم او ان يتعدى على الآخرين ويثير المشاكل والقلاقل ويقوم بفعلها فإن الله سيخزيه ويهلكه، قال الشيخ بن باز، رحمه الله،: «وقد حرم الله ايذاء المؤمنين والمؤمنات بأي نوع من الايذاء في كل مكان وفي كل زمان، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين وفي الأشهر الحرم وفي وقت اداء المناسك وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؟! لا شك ان هذا يكون اشد اثما واعظم جرما، نعوذ بالله من الظلم والاذى والخذلان».