تكفير المسلم داء عضال عالجته السنة النبوية بالترهيب من خطر الوقوع فيه، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» أي رجع بها أحدهما، إن لم يكن صاحبه كذلك عادت إلى قائلها، مما يؤكد حرص الاسلام على حفظ حق المسلم في اسلامه وايمانه كما يؤكد حرص الإسلام على سلامة البناء الاجتماعي من الشقاق والتفريق في وحدة الصف الإسلامي، وهذا ما يريده أعداء الإسلام الذين يتربصون به من كل جانب لاسيما في الآونة الأخيرة، حيث تداعت علينا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها.
وأوجب الله تعالى للمسلم على المسلم حقوقا، ومن أوجب هذه الحقوق: الحفاظ على هوية المسلم واتقاء تكفيره وتشريكه، وقد كفلت السنة النبوية هذا الحق في أحاديث عديدة، منها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله ولا يكفره بذنب ولا يخرجه من الإسلام بعمل والجهاد ماض منذ بعثني الله الى ان يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار».
وسقط بعض طوائف الأمة في هذا الخطأ الفادح الذي رأته السنة إهدارا لأصل من أصول الإيمان وهو الكف عمن قال «لا إله إلا الله» وعدم تكفيره بذنب أو إخراجه من الإسلام بعمل، كما نجد القرآن الكريم لم يخرج الفساق عن دائرة المؤمنين بمعاصيهم وان كانت من الكبائر كالقتل والنفي، فقال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما..) الآية.
وقد تواصل الجموح الفكري عبر العصور، فوجدنا من يغالي في فروع الدين حتى تفاقم الخلل في ترتيب الأولويات ووضع كثير من الفروع في موضع الأصول العصرية فتصاعدت الأحكام من نطاق التحريم والكراهة في بعض المسائل الفرعية الى مستوى التكفير.
وتكفير المسلم يعتبر أمرا خطيرا وزللا عظيما، فلا يجوز ان يصف المسلم أخاه المسلم بالكفر ولو كان ظاهره الفسق ويكفي في بيان خطورة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه» رواه مسلم، وروى الترمذي «ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله».