أحكام قاطعة والأمر عظيم
نحن اليوم بين يدي سورة عظيمة القدر، تبدأ بنون العظمة (أنزلناها)، شملت السورة احكاما تعبدية وأحكاما اخلاقية وأوامر وزواجر وحكما عظيمة على المؤمن أن يعمل بها جاءت لعلاج كثير من احوال المجتمع المسلم حتى يرقى ويكون مجتمعا قائما وفق مراد الله.
(أنزلناها) رحمة منا بالعباد وحفظناها من كل شيطان (وفرضناها) أي قدرنا فيها ما قدرنا من الحدود والشبهات مبينة لكل حق وكل خير ونور لمن عمل بها (لعلكم تذكرون): تتذكرون العمل بكل ما فيها والقيام بأحكامها التعبدية والأخلاقية.
تتناول قضية الزنى الذي كان مباحا في الجاهلية ولما انزل الله تعالى التشريع الإسلامي حكمت الآية على مرتكب الزنى بالحد وبالجلد الذي فسرته السنة.
ثم شرع سبحانه وتعالى في بيان تلك الاحكام فقال: (الزانية والزاني)، هذا الحكم في الزاني والزانية البكرين بأن يجلد كل منهما مائة جلدة، وأما الثيب فقد دلت السنة الصحيحة أن حده الرجم ونهانا الله تعالى أن تأخذنا بهما رأفة في دين الله تمنعنا من إقامة الحد عليهما، فرحمته حقيقة بإقامة الحد عليهما، وأمر تعالى أن يحضر عذاب الزانيين جماعة من المؤمنين ليحصل الخزي والارتداع وليشاهدوا الحد فعلا وحكم الله نافذا في الزاني والزانية.
باب التوبة مفتوح
(إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) فالتوبة فعلية تظهر آثارها في المجتمع أن يصلح في نفسه ويصلح في محيطه والمفعول به محذوف، فإذا تاب القاذف وأصلح عمله زال عنه الفسق فإن الله غفور رحيم يغفر الذنوب جميعا لمن تاب وأناب.
اللعان
(والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) وذلك في حال اتهام الزوج لزوجته بالزنى يشهد أربع مرات بأنها زانية، وفي الخامسة يدعو على نفسه باللعنة إن كان كاذبا فإذا تم لعانه سقط عنه حد القذف. (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين) أي يدفع عنها العذاب إذا قابلت شهادة الزوج بشهادة من جنسها وتزيد في الخامسة مؤكدة لذلك أن تدعو على نفسها بالغضب فإذا تم اللعان بينهما فرق بينهما إلى الأبد وانتفى الولد الملاعن عنه. (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم) جواب الشرط محذوف يدل عليه سياق الكلام أي: لأحل بأحد المتلاعنين الكاذب منهما ما دعا به على نفسه، ومن رحمته وفضله ثبوت هذا الحكم الخاص بالزوجين لشدة الحاجة اليه فقد بين لكم شدة الزنى وفظاعته وفظاعة القذف به وأنه شرع التوبة من هذه الكبائر وغيرها.
الزنى جريمة عظيمة
(الزاني لا ينكح إلا زانية...) هذا الزاني المصر على الزنى ولا يتوب لا يجوز أن يتزوج العفيفات من المؤمنات بل يتزوج زانية مثله أو مشركة بالله (وحرم ذلك على المؤمنين) أي حرم على المؤمن ان ينكح زانية وكذلك المؤمنة لا تتزوج زانيا.
الرجل والمرأة سواء
(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء... الآية) أي الذين يرمون العفائف والحرائر للرجل والمرأة لا فرق بينهما والمراد بالرمي الرمي بالزنى، وفيه ثلاثة أحكام: الجلد وعدم قبول الشهادة وأن أولئك هم الفاسقون. ولكن بشرط أن يكون المقذوف كما ذكر تعالى محصنا مؤمنا، وأما قذف غير المحصن فإنه يوجب التعزير.
سبب تسميتها
سميت سورة النور بهذا الاسم لورود لفظ النور في السورة (الله نور السموات والأرض) وقد اشتملت على العديد من الاحكام والآداب من شرع الله تعالى. هذه الآداب والاحكام تضيء الطريق لمن يتبعها من الناس، والنور هو شرع الله تعالى وهديه وما عداه هو الظلام والضلال للناس والمجتمعات فمن يتبع شرع الله تعالى من الناس فإن حياته تمتلئ بالنور والهدى وينير قلبه وروحه بنور الإيمان.
سبب النزول
(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) عندما رغب أحد المهاجرين في الزواج بواحدة من البغايا في المدينة اسمها عناق واسمه مرثد بن أبي مرثد فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فنزلت الآية.
مراد الله
السورة تربي المؤمن على مراد الله وتعالج أمراض المجتمع وللأسف عادت هذه الأمراض تحت غطاء اسم الاسلام وحق لنا كمعلمات وأمهات أن نعلم الابناء فظاعة هذه الجريمة وان حكم الزنى للرجل والمرأة معا، ونعلمهم أن الغرب يقدم الزنى، على أنه حرية شخصية يجعلها من منظومة حقوق الإنسان ويجبرنا على التوقيع عليها، والحمد لله دولتنا لم تقبل التوقيع، وأن نعرفهم أن هذا جرم عظيم ومفسدة كبرى وان نفهمهم تعاليم ديننا لأنها الحماية لهم من كل مفسدة ليعلموا ان النجاح لا يقاس بالمادة ابدا.
أعظم المفاسد
قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا).
وقال سبحانه: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا).
وقال عز وجل: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب بعد الشرك بالله أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في فرج لا يحل له». ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال: «رأيت في الجاهلية قردا زنى بقردة فاجتمع القردة عليهما فرجموهما حتى ماتا».
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «يا معشر المسلمين اتقوا الزنى ففيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما التي في الدنيا فذهاب بهاء الوجه وقصر العمر ودوام الفقر، وأما التي في الآخرة فسخط الله تبارك وتعالى وسوء الحساب والعذاب بالنار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن».
أسئلة أجاب عنها النبي صلى الله عليه وسلم
هناك كثير من الأسئلة المتنوعة التي أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عنها لأصحابه، «الإيمان» تعرض كل أسبوع سؤالا وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
حق الله على العباد
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أن يعبد الله ولا يشرك به شيء.
قال: أتدري ما حقهم عليه إذا فعلوا ذلك؟ فقال: الله ورسوله أعلم، قال: ألا يعذبهم».