نيفين أبولافي
شهد الموسم الرمضاني حالة من النشاط كبيرة على مستوى الإنتاج في مختلف أنحاء الوطن العربي، وحققت الدراما السورية حضورا لافتا من بين الأعمال التي جذبت الجمهور وسط هذا الزخم من المسلسلات.
تواجد الفنان تيم حسن في عدة أعمال مميزة خلال السنوات الأخيرة بدءا من شخصية «جبل» في مسلسل «الهيبة» حتى «ذئب العاصي» في «الزند» وصولا إلى«تاج» هذا العام، والذي اتخذ مسارا مقاربا لما طرح في «الزند» فيما يتعلق بمواجهة المحتل لكن لكل منهما حكايته الخاصة.
تتلخص قصة مسلسل «تاج» حول هذا الشاب الذي ينشأ في بيئة شعبية إلا انه يحمل الكثير في نفسه من معاني حب الوطن والتضحية لأجله، وهو ملاكم مميز يجد نفسه وسط الأحداث التي تدور في اربعينيات القرن الماضي في صراع ومواجهة مع المستعمر الفرنسي مع مجموعة من اصدقائه.
تتوالى الأحداث في العمل ويتصاعد الصراع والمواجهة بعد تنفيذ عدة عمليات ضد المحتل ليجد نفسه امام تحد كبير ما بين الولاء والتضحية والخروج من دائرة الاتهامات ليقع في دائرة صراع أخرى ما بين المصالح الغربية بسبب عميلة أجنبية، لتتجدد معها الحكايات وتتشابك خيوط الأحداث والشخصيات.
حالة حب يعيشها تاج مع نوران تلك الفتاة التي ينجب منها ابنتهما الوحيدة إلا أن الاختلاف بينهما يوصلهما إلى الانفصال على الرغم من مشاعر الحب، فتتزوج نوران من رياض ذلك الشخص الذي تربطه مصالح وعلاقات كثيرة بالمحتل الفرنسي إلا أنها تحاول بعد فترة من الزمن الطلاق منه رغم رفض والدها.
«تاج» في هذا العمل هي شخصية مركبة من حيث طبيعة المشاعر والأفعال، فعلى الرغم من وطنيته وولائه للوطن، إلا أنه شخصية ليست كاملة النقاء كونه مندفعا، حيث نجده بسبب بعض الضغوط لاعبا للقمار وفي حالة غير مستقرة مليئة بالمتناقضات. وقد أدى تيم حسن الشخصية بامتياز، وفي ظهور مختلف تماما عن شخصياته في أعماله السابقة من حيث نمط الشخصية وتعبير الوجه وردود الأفعال. ولا يمكننا إغفال دور الفنان بسام كوسا الواضح في العمل كشخصية رئيسية محركة للأحداث، والذي يقوم بدور رياض، والحضور اللافت للفنانة فايا يونان التي تقوم بدور نوران.
أحداث العمل مشوقة وجاذبة للجمهور، إلا انها تتباطأ أحيانا لتجعل رتم الأحداث بطيئا لحين ظهور حدث جديد لينتشل العمل من الرتابة في بعض الحلقات إلا ان الحكاية بشكل عام جميلة.
استطاع الكاتب عمر ابوسعدة خلق حالة من الصراع في مفارقة درامية جيدة كونت شبكة من العلاقات ثارت بينها الأحداث وأوجدت قصصا لا تتوقف ما بين النضال والحرب والحب.
اختار المخرج سامر البرقاوي موقع الحدث تزامنا مع الزمان، كان موفقا، حيث استطاع المخرج أن يقدم لنا مشاهد من دمشق القديمة بكل تفاصيلها التراثية ومن بعض الأماكن الحقيقية التي مازالت موجودة، وقد استحضر المخرج صورا ومشاهد قديمة جميلة أضافت للعمل واستطاع تحريك الشخصيات ورسم حالة من الانفعالات والملامح برؤية إخراجية أكدت على المتناقضات في النفس البشرية كتلك التي يملكها «تاج» ما بين الصلاح والتهور والحب والإيمان بالقضايا المصيرية.