من الجد الروحي لثورة المليون شهيد الجزائرية؟
هو عبدالقادر الجزائري الذي ولد قرب معسكر (الجزائر) والده محيي الدين أمير الجزائريين.
لقبه أبوه، بناصر الدين تفاؤلا به، وناداه الجزائريون بـ «الجزائري» لأنه كان وجه أمته كلها. ومعقد آمالها.
نشأ هذا الزعيم العربي في أسرة من الاشراف وعني والده بتربيته وتعليمه، فنشأ تقيا مؤمنا ورجلا نبيلا.
طاف البلاد العربية، وأدى فريضة الحج، وزار مصر عام 1827، وإن هذا الأمير الذي ثقف ثقافة عربية اصيلة، ترك حلقات الادباء وترك الكتاب، وحمل السيف إذ رأى أن وطنه الجزائر يتعرض للغزو والاستعمار الفرنسي ورأى أن لا مجير للجزائر دينا وقومية إلا أهلها وكفاحهم وأدرك أن خير رسالة يؤديها هي رسالة السيف التي لا تغني عنها رسالة القلم، لذلك حمل عبدالقادر راية الكفاح والجهاد، وراح يقاتل الفرنسيين. فانضم الى صفوفه الكثير من القبائل، وانتصر على الفرنسيين في غير معركة حتى العام 1842.
إلا أنه اضطر بعد خذلانه سنة 1847 الى التسليم فنفي إلى فرنسا حتى العام 1852 حين سمح له بمغادرة فرنسا في عهد «لويس نابليون» أو «نابليون 3» فارتحل الى الاستانة في أول شهر ربيع الاول سنة 1269هـ.
ثم قصد بيروت، فتزاحم اهلوها لاستقباله، ولما خرج من بيروت قاصدا دمشق استقبله امراء آل أرسلان، الذين رتبوا جموعهم على طريقه، حيث استقبل بالبارود والحفاوة البالغة.
وقد ذكر بعضهم أنه لم يدخل دمشق أمير عربي منذ مئتين من السنين مثل دخول عبدالقادر. وزار عبدالقادر بيت المقدس وزار المسجد الأقصى وصلى فيه.
وفي فتنة عام 1860 في جبل لبنان التي قامت بين الدروز والنصارى عمل الأمير عبدالقادر على حماية النصارى في داره، وعلى تهدئة الفتنة، ضاربا بذلك مثالا رائعا في الوعي والنبل والمسؤولية. فكان عمل الأمير مدعاة لتقدير دول الارض كلها.
وإنها لشهادة حق في أن شخصية هذا الرجل شخصية نادرة فهو الأمير المقاتل، والكاتب الشاعر الذي قاوم الاستعمار دفاعا عن ارض العرب وتراث الاسلام.
ورفض التعصب الديني دفاعا عن التفرقة في الوطن العربي، ويعتبر هذا الأمير الجد الروحي لثورة المليون شهيد الجزائرية ولعل في سيرته المجيدة ضوءا آخر لمسيرة الأمة العربية في نضالها ضد الاستعمار والصهيونية، والتفرقة العنصرية.
وإن هذا الأمير القائد العسكري الذي استبدل القلم بالسيف ترك تراثا أدبيا.
(من كتاب: الموسوعة العلمية المبسطة)