واشنطن ـ أحمد عبدالله
بينما يركز نص قرار العقوبات المقترح ضد ايران والذي يناقشه الآن مجلس الأمن على الجوانب العسكرية والنووية فإن هناك شقا منه يمكن ان يؤثر ماليا وتجاريا واقتصاديا على دول مجلس التعاون الخليجي بصورة مباشرة فضلا عن التأثيرات غير المباشرة التي تصاحب التوتر المتوقع في مياه الخليج إذا ما أقر المجلس البنود المتعلقة بتفتيش السفن الإيرانية عند توفر شبهات تدعو الى ذلك.
وتبدو تلك النقطة الأخيرة هي الأكثر حساسية حيث انها تستدعي استخدام قدر من القوة لتفتيش السفن التجارية الإيرانية بينما تؤثر الجوانب الأخرى على تعاملات المصارف والشركات الخليجية مع ايران على نطاق أوسع مما كان يحدث بالفعل جراء العقوبات السابقة.
وبينما ينص البند الرابع عشر من مشروع القرار على ان الدول الأعضاء يجب ان تفتش السفن الإيرانية اذا ما حصلت على معلومات تدعو الى الشك في حملها شحنات عسكرية او ذات صلة بالبرنامج النووي فإن ذلك يطرح سؤالا عن كلمة «حصلت». إذ ماذا يمكن ان يحدث اذا ما قدمت الولايات المتحدة او أي دولة اخرى معلومات تقول ان سفينة معينة ترسو في ميناء خليجي تحمل مواد محظورة؟
بل ان البند الثامن عشر ينص على حظر تقديم الوقود او السماح بالرسو لأي سفينة إيرانية او يشتبه في حملها مواد محظورة الى ايران. وإذا ما قدمت الولايات المتحدة معلومات تفيد بوجود شكوك في حمولة سفينة معينة فإن الدول الاعضاء في المنظمة الدولية قد تصبح في مواجهة مطالب أميركية بالقيام بالتفتيش ان رفض دخول السفينة الى موانيها او الطائرة الى مجالها الجوي.
غير ان المشكلة تتفاقم في البند السادس عشر الذي ينص على ان من حق اي دولة ان تفتش اي سفينة بعد موافقة الدولة التي ترفع تلك السفينة رايتها في المياه الدولية. وتحمل اغلب السفن التجارية رايات دول صغيرة مثل بنما او ليبريا لأسباب ضريبية تتعلق بالشركات التي تشغل تلك السفن. ولن يكون من الصعب بالنسبة للقوات الأميركية تفتيش اي من تلك السفن عند دخولها المياه الدولية في الخليج او خارجه.
وفي الجانب المالي والتجاري فإن الملحق الاول للقرار سيتضمن قائمة واسعة بعدد من الشركات والأفراد يقول الأميركيون انهم متورطون في انشطة الحرس الثوري وعلى علاقة بالبرنامج النووي. وسيعني ذلك انهاء علاقات عدد من الشركات بل وربما تصعيد الامر الى حد ادخال المركزي الايراني في تلك الدائرة على اساس محاجاة تقول ان تعاملات الحرس الثوري والشركات المشرفة على البرنامج النووي المالية تمر عبره.
وفي قطاع المصارف فان مشروع القرار ينص في مادته الثالثة والعشرين على «دعوة كل الدول الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع افتتاح أي فروع او مكاتب تمثيل لمصارف ايرانية ورفض السماح لتلك المصارف بامتلاك حصة او توقيع اتفاق تمثيل ومراسلة مع أي من بنوكها الوطنية او البنوك الواقعة على اراضيها ومنع تقديم أي خدمات مالية للبنوك الايرانية إذا ما توافرت شكوك معقولة بان تلك البنوك تساهم على أي نحو في الانشطة النووية الايرانية». ويضيف البند التالي ان على دول العالم منع بنوكها او البنوك العاملة على أراضيها من افتتاح اي فروع او تقديم أي خدمات مالية في ايران اذا ما توافرت شكوك معقولة بان تلك الفروع او الخدمات يمكن ان تساهم على اي نحو في النشاط النووي الايراني. وتبرز هنا مرة اخرى تلك المشكلة المتعلقة بالطرف الذي سيقدم «شكوكا معقولة» للآخرين. فإذا كان ذلك هو الطرف الأميركي مثلا فإن الحسابات الدقيقة لتوازنات منطقة الخليج يمكن ان تعامل بحساسية اقل في واشنطن مما تعامل فيه في العواصم الخليجية. وفي كل الاحوال فإن استمرار الازمة وتصعيدها عبر العقوبات المتوقعة هو بالتأكيد خطوة نحو المزيد من التوتر في المنطقة بأكملها. من هذه الزاوية فان جولة جديدة من المساعي الديبلوماسية تبدو ضرورية اذا ما توافرت «شكوك معقولة» في امكانية نجاحها.