رغم انهمار الصواريخ على مطار كابول عشية أكبر مؤتمر دولي للمانحين يعقد في العاصمة الأفغانية، والتي اضطرت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيري خارجية السويد والدنمارك إلى تأخير وصولهم إلى كابول بعد ان كان مقررا ليل أمس الأول، إلا أن هذا لم يمنع أكثر من سبعين دولة مانحة ومنظمات دولية من عقد المؤتمر الدولي أمس وسط إجراءات أمنية مشددة، ليقدموا دعمهم للرئيس الافغاني حامد كرزاي في رغبته تولي مسؤولية امن بلاده بحلول 2014، و«لخطة المصالحة» مع طالبان التي اطلقها الرئيس الافغاني واكد ضرورة مرور نصف المساعدة الدولية عن طريق الحكومة الافغانية خلال سنتين واكد المجتمع الدولي في البيان الختامي للمؤتمر ان «الاسرة الدولية تعبر عن دعمها لهدف رئيس افغانستان المتمثل في ان تتسلم القوات المسلحة الوطنية الافغانية قيادة العمليات العسكرية في كل الولايات بحلول 2014».
واكد كرزاي خلال المؤتمر امام ممثلي سبعين دولة مانحة ومنظمة دولية «عزمه» على جعل حكومته قادرة على تولي امن البلاد بحلول 2014.
وعبر عن امله في التوصل «خلال الاشهر المقبلة» الى «اتفاق حول طرق تحقيق هذا الانتقال» مع حلفائه الدوليين.
من جهة اخرى، اكد ممثلو الجهات المانحة والمنظمات الدولية المشاركة في مؤتمر كابول انهم «يرحبون ويدعمون مبدأ برنامج السلام والمصالحة في افغانستان المفتوح امام جميع الافغان في المعارضة المسلحة الذين ينبذون العنف ولا يرتبطون بمنظمات ارهابية دولية ويحترمون الدستور».
وهذه الخطة التي تستهدف المتمردين من الصف الادنى الذين يقاتلون من اجل المال وليس لاسباب ايديولوجية، هي من النقاط الرئيسية في استراتيجية الحكومة الافغانية وحلفائها والمانحين الدوليين للخروج من النزاع.
واكد البيان الختامي للمؤتمر ضرورة مرور نصف المساعدات الدولية المخصصة لافغانستان والمقدرة بمليارات الدولارات عبر ميزانية الحكومة الافغانية.
وقال البيان ان المشاركين في مؤتمر كابول «اكدوا مجددا دعمهم الحازم لتمرير 50% على الاقل من مساعدات التنمية عبر ميزانية الحكومة الافغانية على مدى سنتين».
وعودة الى الصواريخ التي انهمرت على مطار كابول مساء امس الاول، قال وزير خارجية السويد كارل بيات امس على مدونته الالكترونية انه ارغم مع بان كي مون ومرافقيهما على تحويل مسار رحلتهم باتجاه القاعدة العسكرية الاميركية في باغرام، قبل ان ينقلوا على متن طوافات عسكرية من طراز «بلاك هوك» الى كابول قرابة الرابعة فجر امس، اي قبل ساعات قليلة من افتتاح مؤتمر دولي حول مستقبل افغانستان.
كما حولت طائرة وزير خارجية الدنمارك لين اسبرسن مسارها للسبب الامني نفسه وحطت في كازاخستان المجاورة، على ما ذكر مكتبه امس.
وقالت مديرة مكتبه لفرانس برس «تم تحويل مسار الطائرة الدنماركية الى الماتي في كازاخستان وتنتظر الضوء الاخضر لتحاول الهبوط مجددا في كابول ليتسنى للوزير المشاركة في الجزء الاخير من المؤتمر».
وجاء في تعليق كارل بيلت على مدونته «كان بلا شك متوقعا ان يحاول الطالبان وآخرون عرقلة هذا المؤتمر البالغ الاهمية».
واضاف بيلت وهو رئيس وزراء سابق للسويد «مشاركتنا هنا، في قلب كابول، تشكل دليلا على دعمنا لمسار اعادة السلام والاستقرار الى البلاد».
وتابع ممازحا «سنحضر افتتاح المؤتمر، لذا فالهجوم الصاروخي لا يشكل اكثر من هجوم جدي على نومنا».
واعلن الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن من جهته ان القوات الدولية ستبقى في افغانستان بعد الفترة الانتقالية لتقوم بـ «دور مساند» للقوات الامنية الافغانية.
واعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون العملية الانتقالية «مهمة جدا بحيث لا يمكن تأجيلها الى ما لا نهاية».
واضافت كلينتون في خطابها امام المؤتمر «ان هذا الموعد هو بداية مرحلة جديدة وليس نهاية تدخلنا»، مؤكدة «ليس لدينا اي نية في التخلي عن مهمتنا الطويلة الامد الرامية الى قيام افغانستان مستقرة، آمنة وسلمية».
واكدت كلينتون «لقد احرزنا تقدما» قبل ان تذكر حكومة الرئيس كرزاي انه ما زال هناك «الكثير من العمل» للقيام به بدءا بمحاربة الفساد.
واشارت كلينتون ايضا الى «تقدم ايجابي» في العملية الرامية الى استيعاب «المتمردين المستعدين للسلام» وهي خطة كانت الولايات المتحدة حذرة بشأنها لفترة طويلة قبل ان تنضم اليها تدريجيا.
وقالت ان التقدم سيكون ممكنا في حال وافق المتمردون على «اعادة اندماجهم والمصالحة من خلال نبذ العنف والقاعدة (المتحالفة مع طالبان) والموافقة على احترام الدستور وقوانين افغانستان».
كما دافعت وزيرة الخارجية الاميركية عن قضية المراة الافغانية قائلة، «اتكلم عن تجربة عندما اقول ان عمل الافغانيات والمجموعات المنبثقة من المجتمع الاهلي سيكون ضروريا لتقدم البلاد».
واضافت كلينتون «اذا حصلت هذه المجموعات على السلطة التي تحتاج اليها للمشاركة في ارساء سلام عادل ودائم، فستفعل ذلك. واذا ما ارغمت على التزام الصمت او دفعت الى هامش المجتمع الافغاني، فستبتعد آفاق السلام والعدالة».
ورحبت وزيرة الخارجية الاميركية باعلان للرئيس الافغاني حميد كرزاي وعد فيه بـ «عدم التضحية» بحقوق النساء والاقليات الاثنية والمجموعات التي تمثل المجتمع المدني، في عملية السلام. ودعا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في خطابه امام المؤتمر الافغان للتحلي بـ «الشجاعة» لـ «صنع السلام» مع «اعداء الامس» في وقت تمد فيه الحكومة وحلفاؤها الدوليون اليد الى طالبان. وقال كوشنير «لابد من قول الحقيقة عن درب ربما يكون طويلا وسيتطلب الشجاعة والمخيلة» معتبرا ان «الانتخابات التشريعية المرتقبة في سبتمبر ستكون اختبارا هاما» لقدرة طالبان سابقين على الاندماج في اللعبة السياسية الديموقراطية.