بغداد ـ رويترز: منذ أشهر لم يعد يشغل بال اللفتنانت سيدني ليزلي حماية قوافل الجيش الأميركي في العراق من التفجيرات وهجمات المسلحين بل حزم المعدات وتحميل الشاحنات والعودة للديار في بدفورد بولاية فرجينيا.
كانت كتيبته -وهي الكتيبة الاولى من فوج المشاة 116 ـ تسير قوافل عسكرية في أنحاء العراق ولكنها الآن بين آلاف القوات التي تنسحب من العراق فيما تخفض الولايات المتحدة عدد قواتها هناك إلى 50 ألفا بحلول 31 الجاري موعد إنهاء عملياتها العسكرية في البلاد.
وتنطوي عملية سحب القوات الأميركية من العراق بعد حرب دامت سبعة أعوام ونصف العام على احد أكبر التحديات اللوجستية في تاريخها.
حيث أوضح اللفتنانت جنرال وليام وبستر قائد الجيش الثالث الذي يشرف على سحب المعدات في بيان «انها أكبر عملية منذ الاستعداد للحرب العالمية الثانية».
وأعيد نشر نحو 100 ألف جندي أميركي خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية ونقل عدد كبير إلى أفغانستان حيث تتصدى قوات يقودها حلف شمال الاطلسي لتمرد طالبان.
وخرجت نحو 2.2 مليون قطعة من المعدات من بينها آلاف الدبابات وحاملات الجند المدرعة والشاحنات من البلاد وأغلقت أكثر من 500 قاعدة من بين 600 قاعدة عسكرية بعضها في حجم مدن صغيرة أو سلمت للعراقيين. واعتبرت معدات يقل عددها عن مليون بقليل وتصل قيمتها إلى 151 مليون دولار فائضة عن احتياجات الجيش الأميركي وجرى التبرع بها لقوات الأمن العراقية. وتشمل المعدات أشياء مثل سيارات الدفع الرباعي والهمفي ومكيفات الهواء.
ويقول ليزلي ان وحدته المتمركزة في قاعدة ادير للعمليات المتقدمة بالقرب من الناصرية على بعد 300 كيلومتر جنوبي بغداد نقلت وحدها معدات بقيمة 20 مليون دولار على الأقل.
وفي قاعدة ادير وهي قاعدة جوية ضخمة ترجع لعهد الرئيس الراحل صدام حسين تعمل الوحدات اللوجستية ليل نهار كي يلتزم الجيش الأميركي بالجدول الزمني لانسحابه.
من جانبه قال اللفتنانت كولونيل سكوت سميث قائد الكتيبة الأولى من الفوج 116 إن كتيبته أعدت نحو 200 مركبة للمغادرة، وقال هو ينتظر طائرة تقله إلى الكويت «انه عدد ضخم من المعدات».
وفي كل يوم خلال الاسابيع الماضية قطعت قوافل تضم 40 شاحنة وحاملة جند او اكثر مئات الكيلومترات جنوبا في الصحراء في طريقها إلى الكويت من حيث انطلقت القوات الغازية للعراق.
لكن هذه القوافل تفضل السير ليلا كي يكون الطريق غير مزدحم ولتقليص خطر الهجمات بقنابل مزروعة على الطريق ولكن مع ضخامة حجم المعدات التي ينبغي نقلها تسير القوافل في النهار ايضا رغم شدة حرارة الصيف.
بدوره قال السرجنت كيفين ستيوارت «رحلات القوافل يمكن أن تستغرق ثماني ساعات. استغرق بعضها 16 ساعة دون توقف». واتفق معه السرجنت باري كرتيس قائلا «الاسترجاء غير وارد على الطريق».
وستكون مهمة الألوية الأميركية الستة التي ستبقى في العراق قبل الانسحاب الكامل في 31 ديسمبر 2011 تقديم المشورة والدعم لقوات الجيش والشرطة العراقية.
ويعد خفض عدد القوات الأميركية ضربة قوية للشركات في الكويت المجاورة التي أحدث فيها غزو العراق طفرة بفضل عقود توريد اغذية لآلاف الجنود والديبلوماسيين والمتعاقدين الأميركيين.
وأحد الأمثلة البارزة شركة اجيليتي الكويتية التي كانت شركة صغيرة تعرف باسم شركة المخازن العمومية وأصبحت بين عشية وضحاها أكبر شركة تموين وإمداد في الخليج وحصلت على مليارات الدولارات من عقود التوريد الأميركية.
وظلت قوافل الشاحنات تخرج على مدى سنوات من مجمع مخازن قرب مدينة الكويت إلى الطريق الرئيسي المؤدي العراق.
وأضيرت اسهم اجيليتي لسنوات نتيجة مخاوف بشأن ضياع صفقات التوريد الأميركية قبل الانسحاب العام المقبل.
وفي قاعدة علي السالم الجوية في الكويت إلى الجنوب من الحدود العراقية تصطف طائرات نقل من طراز سي ـ 130 بينما يجلس جنود في خيمة ضخمة مكيفة يتابعون مباريات كرة القدم الأميركية او ينامون إلى حين إقلاع طائراتهم بينما حقائبهم مكومة خارج الخيمة.
ويتجاهل كثيرون الوجبات الجاهزة التي يوزعها الجيش ويتوجه البعض مباشرة لأحد مطاعم بيتزا هت في القاعدة.
وربما يكون البعض في طريقه لحرب مختلفة في افغانستان إلا ان كثيرين سيعودون إلى حياتهم الطبيعية، حيث سيستأنف اللفتنانت ارون بنيكامب الذي يقود فصيلة دراسته بكلية الحقوق.
ويقول وهو يبتسم سعيدا بانتهاء مهمته في العراق «يمثل الجلوس في قاعة دراسة وقراءة الكتب تغييرا شاملا».