مع استعداد العراق لتسجيل رقم قياسي لعجزه عن تشكيل حكومة بعد قرابة 208 أيام على الانتخابات التشريعية، اجتمع التحالف الوطني أمس ليعلن ترشيح زعيم ائتلاف «دولة القانون» رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء لدورة ثانية بالتوافق في ظل غياب ممثلي المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الفضيلة.
في المقابل، قاطع المجلس الإسلامي الأعلى بزعامة عمار الحكيم وحزب الفضيلة الاجتماع، في حين حضر النائب هادي العامري وحيدا عن منظمة بدر المتحالفة مع الحكيم.
بينما دعا المشاركون في الاجتماع الذي ضم ممثلين عن ائتلاف «دولة القانون» و«التيار الصدري» وآخرين من أعضاء التحالف الشيعي البرلمان الى الاجتماع.
يذكر أن التحالف الوطني نجم عن اندماج ائتلافيين شيعيين فازا في الانتخابات التي جرت في السابع من مارس الماضي، وهما دولة القانون (89 مقعدا) بزعامة المالكي والائتلاف الوطني (70 مقعدا) بزعامة الحكيم.
ويضم الائتلاف الوطني التيار الصدري (40 مقعدا) الذي اتخذ خطوة مفاجئة قبل أيام عبر تأييده انتخاب المالكي، الأمر الذي احدث انعطافة لصالح الأخير، بعد أن كان من أشد معارضيه ومنتقديه.
وكذلك المجلس الأعلى (20 مقعدا) والفضيلة (7 مقاعد) وتيار الإصلاح (3 مقاعد) والمؤتمر الوطني (مقعد واحد). ويبدو من التطورات السياسية الأخيرة أن مصير الائتلاف الوطني أصبح على المحك.
7 أشهر
فقبل 208 أيام أي ما يقارب 7أشهر وتحديدا في السابع من مارس الماضي، توجه الناخبون العراقيون لاختيار ممثليهم في مجلس النواب. لكن قائمتين تصدرتا النتائج بفارق بسيط لا يسمح لأي منها بتشكيل الحكومة منفردا.
ووفقا لأستاذ العلوم السياسية كريستوفر اندرسون رئيس معهد الدراسات الاوروبية في جامعة كورنيل، فإن الأزمة السياسية التي يعيشها العراق مشابهة لتلك التي عاشتها هولندا عام 1977.
وأعلنت كتلة اياد علاوي الفائز بأكبر عدد من المقاعد، انها لن تتعامل مع اي حكومة يرأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. ويسعى المالكي الى تشكيل اكبر ائتلاف مع المجموعة ثالثة في البرلمان، في محاولة للتغلب على علاوي.
وأوقف الجمود الذي تزامن مع ازدياد نشاط المسلحين الذين يحاولون على ما يبدو الاستفادة من الفراغ السياسي، التقدم في إعادة بناء البلد وادى الى تراجع في اعداد اللاجئين العائدين إلى الوطن.
وقال حيدر ابراهيم بحزن بينما كان جالسا في الردهة الرئيسية للبرلمان حيث لافتة كبيرة ترحب بالنواب الجدد «اشعر أحيانا بالندم على التصويت».
واضاف العامل في صيانة المصاعد في البرلمان «منذ البداية (بعد الانتخابات)، كانت هناك دائما خلافات بين الكتل السياسية، المطالبة بإعادة الفرز والتأخير في النتائج».
وتساءل «كيف يمكن ان يكون لدي أمل بعد كل هذه الأشياء؟».
وتابع ابراهيم (25 عاما) انه يرى في كثير من الأحيان حفنة من النواب كل يوم لكنهم جزء صغير من النواب البالغ عددهم 325.
وردد نقيب في الجيش (28 عاما) ما ذكره ابراهيم عن «نشاط مستمر هنا» قبل الانتخابات.
واضاف الضابط في فريق الأمن رافضا كشف اسمه «لكن هذا لم يدم طويلا لان النشاط بدأ يتراجع مباشرة بعد الانتخابات».
وقال «ما يزال لدي أمل في ان الحكومة ستتشكل قريبا».
ويجلس في غرفة اجتماعات لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان النائب الكردي محمود عثمان الذي قال انه يأتي للعمل في كل يوم تقريبا «لكن لا اعرف ما يجب القيام به».
واضاف النائب البارز عن التحالف الكردستاني «نحن منشغلون. انه امر محزن ان تأتي الى هنا ولا تشاهد أحدا، ليس لدينا اجتماعات فنحن في إجازة قسرية».
وتابع ان كل ملامة موجهة للنواب من قبل الناخبين «مبررة»، مشيرا الى ان ايمان العراقيين في الديموقراطية «اهتز كثيرا».
وقال عثمان «انهم يعتقدون انه اذا كان هذا هو النظام البرلماني، فما النفع منه؟ الآن لا يوجد رئيس في العراق، فالبرلمان هو أعلى سلطة لكنه ليس موجودا. لقد خابت آمال الناس، لكن لديهم الحق».
وقال ضابط اميركي رفيع المستوى ان الفراغ السياسي يثير مخاوف لدى المواطنين العاديين من اعطاء معلومات استخباراتية عن المسلحين تشتد الحاجة اليها.
واضاف الجنرال رالف بيكر قائد القوات الاميركية في بغداد انه من غير المرجح انخفاض المستوى الحالي للعنف في العراق قبل تشكيل حكومة جديدة.
وتابع «كلما تأخر تشكيل الحكومة، كلما تراجع مستوى الثقة في أوساط المواطنين».
وقال ان هناك علاقة بين ثقة الشعب في الحكومة وقوات الأمن واستعدادهم لتبادل المعلومات
بشأن المسلحين في المجتمعات المحلية. واضاف «بالإمكان القول ان مستوى الثقة لم يبلغ درجة تقديمهم الدعم للجماعات المتمردة.
انهم في الوسط بين الطرفين وعندما يفعلون ذلك فالميل الى المشاركة في المعلومات التي تحتاجها قوات الأمن لتبقى فعالة يتراجع نوعا ما».