مع قرب موسم احتفالات المسيحيين بأعياد الميلاد والعام الجديد لايزال المسيحيون في العراق يعيشون حالة من الخوف والذعر بعد الأحداث المأساوية المرعبة التي حدثت في كنيسة سيدة النجاة وحصدت نحو 150 مسيحيا بين قتيل وجريح في 31 اكتوبر الماضي.
وأعلنت السلطات الامنية والعسكرية أنها وضعت خططا أمنية لحماية الكنائس والأديرة في أرجاء البلاد لحماية المسيحيين وتهيئة الأجواء لهم لأداء طقوسهم خلال احياء اعياد الميلاد والسنة الجديدة.
ويتوقع ان يقلص المسيحيون برنامج احتفالاتهم بأعياد الميلاد هذا العام والاقتصار على اداء قداس منتصف الليل في نهار اليوم التالي وتبادل التهاني بشكل محدود داخل المنازل بسبب الاوضاع الأمنية غير المستقرة والتخوف من استهدافهم. وتتزامن احتفالات المسيحيين هذا العام مع انطلاق دعوات لجمع المسيحيين في العراق في مدينة واحدة في منطقة سهل نينوى في مدينة الموصل من اجل توفير الحماية لهم.
وقالت رئيسة جمعية عشتار لحقوق الانسان باسكال وردة إن «الحديث عن إقامة مدينة خاصة بالمسيحيين يطرح حاليا لكن ليس بشكل قوي بسبب عدم وجود رؤية واضحة لدى القادة الدينيين والسياسيين المسيحيين حول هذا الموضوع واعتقد ان هذا الموضوع بحاجة الى اتفاق حقيقي بين الجميع من اجل التوصل الى هذا الحل، كما ان علينا الاعتراف بأن إدارة شؤون المسيحيين حاليا ضعيفة وبدون برامج واضحة وهي بحاجة الى رؤية حقيقية لمناقشة المأساة ومواجهة الخطر».
وأضافت «نحن اليوم أمام مشكلة خطيرة وهي تناقص اعداد المسيحيين في العراق على خلفية الاستهدافات المتواصلة لهم بعد كل حادثة يتعرضون لها وهم الآن في هجرات متواصلة ولا نستطيع منعهم من ذلك لانهم يخشون على حياتهم وحياة عوائلهم رغم إدراكنا أن الفرار ليس الحل». وذكرت: «كنا نتوقع أن يعود المسيحيون الى بلدهم بعد عام 2003 وخاصة انهم من الكفاءات لكن الحال جاء على العكس حيث ازدادت اعداد النازحين من العراق في مؤشر خطير بحيث يصل اليوم عدد المسيحيين حاليا في العراق الى اقل من مليون مسيحي».
ودعت حكومة اقليم كردستان في العراق من يرغب من المسيحيين لاداء احتفالاتهم في الإقليم فيما فتحت الأبواب خلال الأيام الماضية لاستقبال المئات من المسيحيين الذي نزحوا بحثا عن ملاذات امنة بعد اتساع رقعة استهدافهم من قبل الجماعة المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة ودولة العراق الاسلامية التي نفذت في 31 أكتوبر الماضي اكبر مجزرة داخل كنيسة سيدة النجاة وسط بغداد راح ضحيتها نحو 60 شخصا من الاطفال والنساء والرجال وجرح نحو 70 اخرين فضلا عن استمرار الاغتيالات التي تطول المسيحيين في الموصل.
وتقول هيام وهي شابة مسيحية (26 عاما): «بعد احداث كنسية سيدة النجاة وصلنا الى قناعة تامة ان حياة المسيحيين في خطر ولابد من وجود ملاذ أمن لهم لانه من الصعب على الحكومة توفير الحماية لنا خاصة اننا نعيش في احياء متفرقة من بغداد والموصل والبصرة وبالتالي من الصعب وضع حماية على كل منزل». وأضافت وهي موظفة حكومية: «لا احد في العراق يؤيد اعمال العنف ضد المسيحيين لكن يبدو اننا اصبحنا ضحية صراع الإرادات بين التيارات المتنافسة في العراق وبالتالي فان استهدافنا بات امرا يسيرا لاننا لا نملك اي وسائل للدفاع عن انفسنا فضلا عن اننا هدف سهل لاننا مانزال غير منظمين أسوة بالطوائف الاخرى ونحن بحاجة الى مسؤولين اكفاء واقوياء يدافعون عنا».