يصفه أصدقاؤه وأنصاره بـ «الوالد»، أما منتقدو الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو فيعتبرونه «آخر ديكتاتور في أوروبا»، خاصة بعد فوزه بولاية رئاسية رابعة بينما وصفته احدى قنوات التلفزيون الروسي الرسمي بأنه سايكوبائي ويعاني من اضطرابات نفسية.
وقد نال الرئيس السلطوي لهذه الجمهورية السوفييتية السابقة الذي يحكم البلاد منذ 16 عاما حوالي 80% من الاصوات في الدورة الاولى للانتخابات كما اعلنت اللجنة الانتخابية التي اشارت ايضا الى تنظيم حفل التنصيب قبل 19 فبراير.
رغم اعلان الفوز، اعتقلت شرطة بيلاروسيا سبعة من مرشحي المعارضة التسعة للانتخابات الرئاسية اول من امس اثناء تفريقها التظاهرة الكبرى التي ضمت آلاف الاشخاص للاحتجاج على اعادة انتخاب لوكاشينكو، كما افادت مصادر مقربة من المرشحين لوكالة «فرانس برس». وقالت المصادر نفسها ان المرشحين ياروسلاف رومانتشوك وفيكتور تيريشتشنكو فقط لم يتم توقيفهما اثر اعادة انتخاب لوكاشينكو، بينما تم توقيف كل من اندريه سانيكوف وفلاديمير نيكلياييف ونيكولاي ستاتكيفيتش وريغور كاستوسيف وفيتالي ريماشيفسكي واليس ميخاليفيتيش وديميتري اوس، كما افاد المقربون منهم. واضافت المصادر نفسها ان الشرطة قامت ايضا بمداهمات ليل اول من امس شملت احزاب وعناصر المعارضة في مينسك.
من جهتها، قالت السفارة الاميركية في بيان ان «الولايات المتحدة تدين بشدة كل اعمال العنف التي وقعت في نهار الانتخابات في بيلاروسيا». واضاف البيان «نحن قلقون خصوصا ازاء الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات بما يشمل ضرب واعتقال عدة مرشحين رئاسيين والعنف ضد الصحافيين وناشطي المجتمع المدني». وتابع البيان ان الولايات المتحدة قلقة بشكل خاص ازاء قيام مجهولين باقتياد مرشح المعارضة للانتخابات فلاديمير نيكلياييف بالقوة من مستشفى في مينسك حيث كان يعالج اثر اصابته بجراح، وقال «ندعو الى عودته سالما في اسرع وقت». بدوره، دان وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيلي بشدة أمس اعتقال معارضين في ختام الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا.
وقال في بيان «من غير المقبول ان يتعرض مرشحون من المعارضة ومناصروهم الذين يريدون استخدام حريتهم في الرأي للضرب او الاعتقال». وبإعلان الفوز يحكم لوكاشينكو قبضته الحديدية منذ 16 عاما ويناور بين روسيا والغرب حيث يوصف بالمستبد او بـ «آخر ديكتاتور في اوروبا». وفي بيلاروسيا يحظى لوكاشينكو (56 عاما) بشعبية لدى قسم كبير من مواطنيه الذين يستميلهم حفاظه على بعض الارث السوفييتي مع اقتصاد موجه وتغطية اجتماعية نسبية. وفي الغرب يعتبر الكثير من المراقبين والمدافعين عن حقوق الانسان لوكاشينكو قائدا مستبدا ومتسلطا، وكثيرا ما تصفه وسائل الاعلام بـ «آخر ديكتاتور في اوروبا» في استعادة لعبارة كان اطلقها عليه الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن. ويتقلب لوكاشينكو بحسب الظروف فهو تارة يحمل على الاتحاد الاوروبي الذي اتهمه في نهاية نوفمبر بوضع بلاده «باستمرار تحت الضغط»، وطورا ينتقد روسيا حليفته التقليدية والمورد المهم للمحروقات، التي اتهمها بتمويل معارضيه. ولا يكاد هذا المدير السابق لمزرعة تابعة للدولة يتحمل النقد، ولا يتوانى عن اطلاق نعت «اعداء الشعب» على معارضيه الذين ينددون بتسلط النظام حيث تنتهك حرية الصحافة ويضطهد الناشطون السياسيون. وقد قال بعد ان ادلى بصوته في مينسك ان مرشحي المعارضة «ليسوا مستعدين ببساطة للانتخابات» رافضا اي دعاوى بتزوير الاقتراع. وبدأ نجم لوكاشينكو، المولود لام مزارعة واب مجهول في 1954 في كوبيس (شرق)، يصعد في 1990 حين انتخب عضوا في السوفييت الاعلى لبيلاروسيا. وبعد عام نالت بيلاروسيا استقلالها.
وقاد بعد ثلاث سنوات لجنة برلمانية نددت بفساد السلطة الذي شكل المحور الرئيسي لحملته الانتخابية الناجحة في 1994 التي فاز على اثرها في اول انتخابات رئاسية في بيلاروسيا المستقلة.
وسريعا ما اتخذ اجراءات لاستقرار الاقتصاد وبدأ يحتكر شيئا فشيئا جميع السلطات.
وفي عام 1996 حل البرلمان واستبدله بمجلس جديد مكون من 110 اعضاء مقربين منه.
لكن المفارقة، ان مراقبي رابطة «كومنولث الدول المستقلة» (سي.آي.اس) ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا اعتبروا الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس الأول شفافة وديموقراطية.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن رئيس اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة سيرغي ليبيديف قوله للصحافيين في مينسك «نعتقد أن هذه الانتخابات كانت شفافة وتلاقت مع كل مستلزمات التشريع الانتخابي والمعايير الديموقراطية السائدة».