ما بين الخوف من هجمات جديدة لتنظيم القاعدة والحزن على ضحايا هجوم كنيسة سيدة النجاة، ألغى مجلس الكنائس في العراق الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد واختصرها بقداس روحي وصلاة حزنا على مجزرة كنسية النجاة.
وقال المطران شليمون وردوني بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في بغداد ان «مجلس كنائس العراق اجتمع قبل أسبوعين ودعا المؤمنين الى إلغاء كل الاحتفالات وجعلها تقتصر على احتفال روحي في الكنائس لأسباب احتياطية محزنة».
من جهته، قال الأب مخلص قرياقوش الكاهن في كنسية سيدة النجاة التي شهدت الهجوم في أكتوبر الماضي ان «مناسبة عيد الميلاد مختلفة اليوم مع الحزن الذي أصاب كنيستنا بفقدان أبنائنا».
وأكد ان «المناسبة ستقتصر على القداس والشعائر الدينية بدون أي من مظاهر الاحتفال». وأضاف الأب مخلص ان «الكنيسة كانت تزين بشجرة الميلاد كل عام. لكن هذا العام لن نقيم أي شيء من هذه المظاهر من أجل حياتنا ووجودنا»، مشددا على ان الاحتفال بالمناسبة «سيقتصر على القداس والصلاة والصيام».
على الصعيد العام أيضا، قرر كثير من مسيحيي العراق إلغاء الاحتفالات ومنهم فرقد أسعد التي فضلت عدم الاحتفال بليلة عيد الميلاد هذا العام كغيرها من المسيحيين في العراق خشية تعرضهم لهجمات من تنظيم القاعدة الذي هددهم بالقتل ولأنها لاتزال حزينة اثر مذبحة كنيسة سيدة النجاة التي تنتمي اليها. وبعد ان أكدت ان «احتفال ليلة عيد الميلاد مناسبة كبيرة ومهمة بالنسبة لنا، كنا نحتفل بها كل عام نفرح بها مع الاقارب والاصدقاء ونحضر القداس فيه»، قالت هذه الطبيبة لوكالة فرانس برس «هذا العام العيد سيختلف كثيرا».
وأضافت «لا نستطيع ان نفرح مثل كل عام لأننا نخاف على أولادنا ولا نستطيع أن نأتي ونخرج على راحتنا في ظل التهديدات الموجودة فعليا».
وتابعت ان ما أطلقه تنظيم القاعدة «ليس تهديدات فقط إنما يتم تنفيذها ومن يهددونه يستطيعون الوصول اليه وقتله بكل سهولة».
من جانبه، أكد يوسف محمد صاحب محل زهور «كنا نجهز بين مائتي و300 شجرة لعيد الميلاد كل عام لكنني لم أبع سوى 15 شجرة في هذا العام». وفي مدينة الموصل التي تضم عددا كبيرا من المسيحيين وشهدت الجزء الأكبر من الاعتداءات ضد المسيحيين، قالت مريم دانيل (57 عاما) بحزن «أين العيد للأم التي فقدت ابنها بالقتل الوحشي الذي يمارسه اعداء هذا البلد؟».
وأضافت هذه السيدة التي فقدت ابنها وهو في الثانية والعشرين من عمره والذي كان أبا لولدين أمام منزله بينما كان يهم للتوجه الى الجامعة قبل ثلاثة أشهر «أي عيد وأنا أرى أحفادي يبكون على أبيهم ويتحسرون على من كان يأتيهم بشجرة الميلاد وملابس العيد؟».
وتابعت «أين العيد وأنا أرى زوجة ولدي في عينها دموع وكلمات تشتكي من هم الوحدة التي خلفتها أياد ملطخة بدم الأبرياء وتتحسر على لمسة حنان من زوج يقول لها في اول يوم من العيد كل عام وأنت بخير؟».
وفي البصرة ثاني أكبر مدن العراق، قال سعد متي عضو مجلس محافظة البصرة عن الاقليات مسيحي «أصدرنا بيان مجلس كنائس البصرة لإلغاء كل مراسم الاحتفالات بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة والاكتفاء فقط بإقامة القداس».
وأوضح ان البيان تضمن «اعتذارا عن استقبال المهنئين بالمناسبة إكراما لشهدائنا الابرار الذين سقطوا في مذبحة كنيسة سيدة النجاة في بغداد وكذلك لقدسية وحرمة شهر محرم لإخواننا المسلمين».
وهناك حاليا نصف مليون مسيحي في العراق مقابل 800 ألف الى 1.2 مليون في 2003.
وفي مدينة كركوك (255 كلم شمال بغداد) قال د.لويس ساكو رئيس أساقفة كركوك للمسيح الكلدان ان «المسيحيين هذا العام لن يحتفلوا بأعياد رأس السنة لأسباب أمنية ولأنهم يشعرون بألم وحزن كبير».