وسط إجراءات أمنية مشددة ومشاركة عدد كبير من قيادات الدولة وحضور لافت لنجلي الرئيس المصري علاء وقرينته وجمال مبارك، احتفل الأقباط بعيد الميلاد في مصر، وقد ترأس بطريرك الأقباط الارثوذكس البابا شنودة الثالث قداس العيد بحي العباسية في قلب القاهرة أمام آلاف المصلين، حيث شدد في كلمته على المحبة والتهدئة، ومشيدا بالرئيس حسني مبارك، تكررت مرتين خلال كلمته الختامية، لتخصيصه يوم الميلاد عيدا وإجازة رسمية لكل المصريين. وقال البابا في كلمة ألقاها في ختام القداس أمام العديد من الوزراء والمسؤولين الذين جلسوا في الصف الأول في الكنيسة الى جوار علاء مبارك نجل الرئيس حسني مبارك «قبل ان أهنئكم أود أولا ان اعزي أبناءنا في الاسكندرية بعد استشهاد عدد كبير من ابرياء لا ذنب لهم. كما اعزي ايضا أولادنا في نجع حمادي اذ قد مرت سنة على استشهاد أشخاص منهم».
ووجه البابا شنودة الثالث الشكر الى «الرئيس مبارك على عبارته» التي قال فيها ان «دماء أبنائنا ليست رخيصة» وفي عبارة اراد بها ان يشير ضمنا الى ان الكنيسة تنتظر محاكمة ومعاقبة مرتكبي الاعتداءات على الأقباط.
وتحدث البابا بعد ذلك عن تعاليم المسيح التي تدعو الى ان «نحب الخير ونحب الغير» وهي رسالة تهدئة لشباب الاقباط الذين تصاعد غضبهم بعد اعتداء الاسكندرية.
يشار الى انه للمرة الأولى قام د. أحمد الطيب شيخ الأزهر ود.محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف بزيارة البابا للتهنئة بليلة عيد الميلاد على الرغم من أن هذه الزيارة تتم عادة صباح اليوم التالي وليس قبيل إجراء القداس، كما شارك في القداس علاء مبارك النجل الأكبر للرئيس المصري للمرة الأولى أيضا برفقة زوجته.
وحرص عدد كبير من رجال الدولة في مقدمتهم د.زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية ود.أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ووزير الإعلام أنس الفقي واللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية وعائشة عبدالهادي وزيرة القوى العاملة ود.يوسف بطرس غالي وزير المالية ود.عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة، بالإضافة إلى جمال مبارك نجل الرئيس مبارك وأمين لجنة السياسات بالحزب الحاكم والسفيرة الأميركية مارغريت سكوبي وسعيد كمال زادة نائبا عن الرئيس مبارك، حرصوا على المشاركة في القداس وتوجيه التهنئة إلى البابا شنودة.
كما تلقى البابا التهنئة من وفد من أدباء مصر يتقدمهم محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب وعدد من الروائيين والكتاب من بينهم إبراهيم أصلان، خيري شلبي.
إجراءات أمنية مشددة
وقد شهدت مختلف الكنائس المصرية إجراءات أمنية غير مسبوقة حيث تم إغلاق جميع الشوارع المحيطة بأغلب الكنائس الكبرى في مختلف المحافظات ولم يسمح بوقف السيارات أمام الكنائس كذلك اتخذت تعديلات مرورية في المناطق المحيطة بالكنائس مما أدى إلى ارتباك مروري شهدته القاهرة على وجه الخصوص. وقد كلف 70 ألف شرطي معززين بسيارات مدرعة وخبراء مفرقعات بحراسة الكنائس التي شهدت قداس عيد الميلاد.
وفي الكاتدرائية المرقصية بالعباسية شهدت إجراءات أمنية غير اعتيادية منذ الساعات الأولى من الصباح حيث استقبلت عددا كبيرا من المهنئين للبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية منذ العصر وحتى انتهاء مراسم القداس في الساعات الأولى من اليوم التالي.
ومنعت السيارات من دخول الكاتدرائية بشكل نهائي كما لم يسمح بالدخول إلى المسلمين للتهنئة حيث اشترط رجال الأمن وجود رسم الصليب على اليد أو إظهار البطاقة الشخصية التي تثبت أن المواطن قبطي وذلك نظرا للاحتفال، وقامت قوات الأمن بتفتيش جميع الأقباط قبل توجههم إلى داخل مقر الكاتدرائية من خلال بوابات الكترونية يعقبها تفتيش ذاتي فيما لم يسمح لحاملي الحقائب أو الكاميرات غير الحاصلة على ترخيص مسبق من الكاتدرائية بالدخول.
مبادرات شعبية
وكانت المبادرات الشعبية تضاعفت خلال الأيام الأخيرة من اجل ان يحتفل المسلمون مع الأقباط بعيدهم وتبنى محمد عبد المنعم الصاوي، وهو مؤسس مركز ثقافي شهير هو «ساقية الصاوي»، دعوة حملت شعار «يا نعيش سوا يا نموت سوا» تدعو الى وقوف المسلمين امام الكنائس مساء امس الأول لتشكيل «دروع بشرية» لحماية الأقباط، وهي دعوة بدا ان هناك استجابة واسعة لها خصوصا في أوساط المثقفين والناشطين السياسيين.
غير ان رجال الشرطة المصرية منعوا في اكثر من مكان المسلمين الراغبين في الاعراب عن تضامنهم من دخول الكنائس.
كما شددت العديد من الدول الأوروبية إجراءاتها الأمنية حول الكنائس القبطية، التي اعتبر بعضها أهدافا محتملة من قبل مواقع إسلامية متشددة. وشملت هذه الإجراءات دولا مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وأمس الأول نظم قرابة أربعمائة شخص تظاهرة بالشموع، تلبية لدعوة من الجمعية الوطنية للتغيير، في ميدان التحرير في قلب القاهرة وهتفوا شعارات تدعو الى الوحدة الوطنية وسط تواجد امني مكثف.
وبدا المسؤولون في التوافد على الكاتدرائية امس الاول. وكان اول المهنئين بعيد الميلاد رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف ورئيس مجلس الشعب فتحي سرور.
وأصدرت احزاب وقوى المعارضة المصرية، باستثناء الاخوان المسلمين، بيانا مشتركا دعت فيه الى «إقالة وزير الداخلية» حبيب العادلي وحملت «اجهزة الدولة» مسؤولية «المناخ الطائفي الذي يؤدي الى الجرائم ضد الأقباط».
كما أكدت قوى المعارضة في بيانها انه «أيا ما كانت نتيجة التحقيقات حول الجناة المباشرين للجريمة، فإننا نؤكد على مسؤولية الدولة بجميع أجهزتها عن المناخ الطائفي الذي يؤدي لهذه الجرائم، فهي من ناحية تكتفي بالتعتيم والتضليل والتشويش الإعلامي ومن ناحية أخرى تتغاضى عن الأنشطة المشبوهة والعدائية ضد المواطنين المسيحيين، التي تمارسها الجماعات الإسلامية المتطرفة».
ودعت الأحزاب الى وقفة أخرى عند ضريح الزعيم الوطني سعد زغلول للتأكيد على ان «مصر وطن واحد وشعب واحد، ولإعلان موقف مصري واحد من الإرهاب، وتحديا للقمع والتسلط».
|
البابا شنودة الثالث مترئسا قداس العيد .. وجمال مبارك .. وعلاء مبارك وقرينته يبدون في حالة شديدة من التأثر خلال القداس (رويترز) |