تنطلق اليوم عملية الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان حيث سيحدد السودانيون الجنوبيون في هذا الاستفتاء الحاسم وضعهم بالنسبة لشمال السودان إما إمساك بمعروف أو تسريح باحسان.. الوحدة أو الانفصال.
ويتوجه نحو 3.9 ملايين ناخب من سكان جنوب السودان الى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في الاستفتاء لكتابة صفحة جديدة من تاريخهم، وينهي الجنوبيون بهذا الاستفتاء المصيري مسيرة 55 عاما من التاريخ المشترك مع الشمال غلب عليها طابع الحروب والازمات لم يعش الجنوب فيها سلاما واستقرارا سوى خلال الفترة ما بين عامي 1972 و1983 وهي سنوات اتفاقية السلام الاولى التي ابرمت في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري ثم من عام 2005 حيث تاريخ توقيع اتفاقية السلام الشامل مع حكومة الرئيس عمر البشير التي منحتهم حق تقرير المصير.
ولفترة طويلة اثار حق تقرير المصير كثيرا من الجدل في الاوساط السودانية وكان مادة ثرية لتبادل الاتهامات بين مختلف القوى السياسية السودانية خاصة المعارضة منها في الوقت الحاضر والتي تحاول تحميل الشريكين حزب (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) مسؤولية انفصال الجنوب المرتقب.
بيد أن شريكي الحكم يرفضان تحمل تلك المسؤولية وحدهما بحجة أن الأحزاب الأخرى وافقت على الاتفاقية متضمنة تقرير المصير من ناحية ومن ناحية أخرى فان المطالبة بحق تقرير المصير كان سابقا لاتفاقية السلام وطرحته أكثر من جهة.
ويرى كثير من المراقبين ان حق تقرير المصير مر بمراحل تاريخية عديدة قبل أن يشمله بروتوكول «ميشاكوس الاطاري» الذي وقع بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان في العشرين من يوليو 2002 في ضاحية ميشاكوس الكينية.
ونص البروتوكول على منح شعب الجنوب حق تقرير المصير للاختيار ما بين وحدة السودان أو انفصال الجنوب عبر استفتاء يجرى خلال فترة انتقالية تمتد ست سنوات.
بيد ان بروتوكول ميشاكوس لم يكن الوثيقة الأولى التي حملت نصا على تقرير مصير الجنوب فقد سبق أن ضمن ذلك الاستحقاق في اتفاقيات سابقة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي بعد أن كانت مطالب الجنوبيين تقتصر بصورة أساسية على تحقيق الحكم الفيدرالي بالبلاد وذلك قبل الاستقلال.
وتمر الأيام، والآن صار تقرير المصير واقعا وبحلول فجر اليوم يتوجه الجنوبيون الى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم على مدى أسبوع للاختيار ما بين الوحدة أو الانفصال.