قبل أن تعقد حكومة الوحدة الوطنية التونسية المترنحة، أول اجتماعاتها أمس، توالت الاستقالات من اعضائها، حيث أفلحت ضغوط المعارضة على ما يبدو، على حمل زهير المظفر وزير الدولة بمكتب رئيس الوزراء على الاستقالة من الحكومة الائتلافية بسبب صلته بحزب التجمع الدستوري الحاكم سابقا وبإدارة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن المظفر قوله إنه يستقيل من أجل مصالح الدولة العليا سعيا لإخراج البلاد من أزمتها وضمان انتقال الحكم بصورة ديموقراطية. وكان المظفر استقال من الحزب قبل أيام.
على صعيد مواز، أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي أحمد إبراهيم أمس استقالة جميع الوزراء الذين ينتمون الى حزب «التجمع الدستوري الديموقراطي» من عضوية الحزب.
وقال إبراهيم وهو الأمين العام لحركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) ليونايتد برس انترناشيونال ان هذه الخطوة تعتبر هامة بالنظر الى توقيتها الذي جاء قبل ساعات من عقد أول اجتماع لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة التي يبلغ عدد أعضائها 24 وزيرا.
وبذلك بلغ عدد الوزراء الذين استقالوا من الحزب الحاكم سابقا 14 وزيرا منهم 6 وزراء كانوا في اللجنة المركزية للحزب ووزير واحد كان عضوا في المكتب السياسي هو وزير الخارجية كمال مرجان.
وقال إبراهيم ان استقالة هؤلاء جاءت لتسهيل المناقشات في اجتماع الحكومة والتي كان على جدولها مسألتين أساسيتين هما: فصل الدولة عن الحزب ومشروع قانون العفو التشريعي العام أي إلغاء جميع الأحكام السابقة ضد الذين حوكموا بسبب أفكارهم السياسية.
وفي بيانها بعد الاجتماع الأول قررت الحكومة المترنحة إعلان الحداد الوطني 3 ايام «في ذكرى ضحايا الأحداث الأخيرة»، وفق ما أعلن المتحدث باسمها الطيب بكوش بيلاي امس وتلا المتحدث بيان جلسة مجلس الوزراء وجاء فيه «لقد تقرر حداد وطني لثلاثة ايام في ذكرى ضحايا الأحداث الاخيرة».
وقالت بيلاي في مؤتمر صحافي «ان مكتبي تلقى معلومات تتعلق بأكثر من 100 وفاة خلال الأسابيع الخمسة الاخيرة ناجمة عن إطلاق نار وكذلك عمليات انتحار احتجاجية واضطرابات في السجون خلال عطلة نهاية الأسبوع».
وبحسب هذه المعلومات فإن شهر الاضطرابات الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي ادت الى مقتل «اكثر من 70 شخصا في إطلاق نار، و7 في عمليات انتحار احتجاجية واكثر من 40 في المواجهات في السجون خلال عطلة نهاية الاسبوع الماضي».
كما قال وزراء عقب الاجتماع إن الحكومة قررت الاعتراف بكل الجماعات السياسية المحظورة والعفو عن جميع السجناء السياسيين.
هذه التطورات السياسية جاءت بموازاة المظاهرات المتواصلة منذ اعلان تشكيلة الحكومة واستمرت أمس للمطالبة بحكومة خالية تماما من الحرس القديم.
وردد المتظاهرون بيت الشاعر التونسي الشهير ابي القاسم الشابي «اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر» وتركز تجمعهم حول مقر الحزب الحاكم في تونس العاصمة، للمطالبة بإزاحة كل الوزراء الذين ينتمون إلى حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم سابقا في تونس.
وقال المحتجون ان هذا وحده سيرضي آمال «ثورة الياسمين» التي صدرت الصدمة إلى الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي.
صحافي يرشح نفسه
وفي سيدي بوزيد البلدة الفقيرة بوسط تونس التي بدأت فيها الانتفاضة ضد بن علي قال متظاهرون ان التغييرات في قمة الهرم الحاكم لم تصل إلى مداها المطلوب بعد.
وقال لزهر غربي المدرس الأول والنقابي في المدينة «عصابة بن علي مازالت في حزب التجمع الدستوري الديموقراطي وهي تحاول سرقة الثورة ودماء الشهداء».
وقال لرويترز «نريد حل هذا الحزب. هذا هو الحل ونريد تحميل اعضائه مسؤولية الفساد».
وأعلن توفيق بن بريك الصحافي الذي قضى ستة اشهر في السجن بسبب تهمة الاعتداء التي يقول انصاره ومن بينهم جماعات حقوقية دولية انها لفقت له لمعاقبته على مقالات كتبها انتقد فيها بن علي انه سيرشح نفسه للرئاسة.
وقال بن بريك في مقابلة أجريت معه امس الأول «رحيل بن علي كان لحظة سعادة غامرة وفرحة لي. انه نصر كبير للحرية».
لكن مثله مثل كثيرين من خصوم بن علي الأقوياء قال انه غير راض عن وجود عدد كبير من الوزراء الذين ينتمون إلى حزب التجمع الدستوري الديموقراطي.
وقال لـ«رويترز»: «ما اقوله هو ان التجمع الدستوري الديموقراطي يجب ان يرحل واقول ايضا لهؤلاء الدمى الذين كان بن علي يحركهم أن يرحلوا وينضموا اليه في السعودية».
وأضاف أن «رحيل بن علي كان لحظة سعادة غامرة وفرحة لي. انه نصر كبير للحرية».
من جهته، قال نجيب الشابي المعارض البارز الذي رشح للوزارة ان آخر السجناء السياسيين في عصر بن علي قد أطلق سراحهم ومن بينهم أعضاء في حركة النهضة الاسلامية المحظورة.
ووصفت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية الافراج عن السجناء السياسيين بأنه خطوة مهمة وإيجابية وقالت انهم يجب أن يتلقوا تعويضات.
وأضافت ان على السلطات التونسية أن تظهر انها جادة حقا بشأن انهاء ثقافة انتهاك حقوق الإنسان التي استمرت لما يزيد على عقدين والبدء في كبح الجهاز الأمني الذي انتهك وقمع التونسيين العاديين لسنوات.
سيدتان قضتا على نظام الرئيس المخلوع
مصادرة بنك مملوك لصهر بن علي و«ويكيليكس» تنبأ بانهيار نظامه
تونس ـ وكالات: يقول التونسيون ان امرأتين أفضتا الى سقوط الرئيس زين العابدين بن علي، الطاغية الذي سيطر على تونس 23 سنة، الاولى الشرطية البسيطة فادية حمدي التي صفعت محمد بوعزيزي وصادرت عربته فأحرق نفسه، وأطلق شرارة الثورة التي أسقطت نظام الحكم. والمرأة الثانية، وهي رمز الفساد وغرض كراهية التونسيين، هي ليلى بن علي، زوجة الرئيس المعزول.
سموها «حاكمة قرطاج»، وهي المرأة التي قادت العائلة والمافيا ومتولية السلطة التي ظلمت تونس سنين، إنها ليلى بن علي، التي كانت في الماضي ليلى طرابلسي.
وقد حاولت أن تظهر نفسها أنها سياسية عربية ليبرالية ذات آراء نسوية، وقد انتخبت في سنة 2009 لرئاسة منظمة النساء العربيات التي جعلت هدفها تقديم حقوق المرأة العربية، حيث قالت حينها «منذ تم انشاء منظمة النساء العربيات قادتها النساء الأول في الدول العربية»، ووعدت «سأبذل جميع الجهود لأمضي في الطريق نفسها ولأحرز المساواة بين النساء العربيات والرجال، في الحياة العامة وفي الانتخابات السياسية ولتحقيق أحلامهن». الى جانب ذلك انشأت سلسلة منظمات خيرية في تونس لمساعدة المرضى والمحتاجين، لكن ليلى من وراء الستار كانت تسيطر على مجمل مجالات الحياة في الدولة.
لكن في شهر يوليو 2009 أرسلت برقية من السفارة الاميركية في تونس، تنبأت بأحداث الايام الاخيرة. بسبب «فقد بن علي ونظام حكمه الصلة بالشعب التونسي»، على حد قول السفير الأميركي روبرت غوديك «انهم غير مستعدين لقبول نصيحة أو انتقاد في الداخل أو في الخارج. وأصبحوا أكثر اعتمادا على الشرطة لحماية قوتهم. أخذ الفساد داخل دائرة الرئيس الداخلية يزداد. والتونسي من العامة ايضا عالم بهذا وجوقة الشكاية في ازدياد».
ولفت الديبلوماسي الأميركي الرفيع المستوى الانتباه مرة اخرى الى زوجة الرئيس «إن التونسيين لا يودون، بل انهم يكرهون السيدة الاولى ليلى طرابلسي وأبناء عائلتها»، وتابع «في أحاديث خاصة يسخر معارضو نظام الحكم منها. ويعبر أولئك المقربون من نظام الحكم ايضا عن عدم الرضى عن سلوكها. في مقابل ذلك يزداد الغضب بسبب نسب البطالة وعدم المساواة. ومن نتيجة ذلك ان الأخطار على استقرار نظام الحكم في ازدياد».
ولم يبق الفساد عند الرئيس وزوجته فقط بل انتقل الى أبناء العائلة ايضا «زوجة بن علي ليلى، وأبناء عائلتها الطرابلسيون يثيرون أكبر الغضب»، وورد في البرقية «الى جانب الاتهامات الكثيرة لهم بالفساد، زعم انهم بلا ثقافة وأصحاب مكانة اجتماعية منخفضة وعادات استهلاك ريائية. والى ذلك يزعم التونسيون ان حيل تخويفهم والطريقة الفاضحة التي يستغلون بها الطريقة تجعلهم هدفا سهلا للكراهية».
لكن الحادثة التي أثبتت مبلغ كون أقرباء عائلة ليلى بلا زمام وقعت في سنة 2006، فقد رأى معاذ وعماد الطرابلسي ابنا شقيق ليلى، قاربا مذهلا في أحد موانئ تونس، وقد اهتم الاثنان اللذان اشتهيا القارب بسرقته وصبغه من جديد. ولسوء حظهما كان القارب المسروق لرجل الاعمال الفرنسي برونو روجيه والذي استعمل علاقاته في باريس فأعاد القارب سريعا ونشر الانتربول أمر اعتقال دولي لهما.
وفي هذا السياق أيضا، قال التلفزيون الرسمي أمس إن البنك المركزي أصبح الآن يسيطر على بنك الزيتونة الذي يملكه صخر الماطري صهر بن علي.
وكان بنك الزيتونة ـ وهو أول بنك إسلامي في تونس ـ بدأ العمل في العام الماضي وهو ملك للماطري أبرز رجال الأعمال التونسيين رغم أنه مازال في أوائل الثلاثينات من عمره، وساهمت شركة برنسيس القابضة التابعة للماطري بنسبة 51% في رأس المال الذي بدأ به نشاطه والذي بلغ 30 مليون دولار.
وقال التلفزيون إن بنك الزيتونة وضع تحت إشراف ومراقبة البنك المركزي.
وتأتي هذه الخطوة بعد يوم من إلقاء القبض على 33 من أبناء عشيرة بن علي بتهمة ارتكاب جرائم في حق الأمة. وأظهر التلفزيون لقطات لما قال إنها مشغولات ذهبية ومجوهرات مصادرة. كما جمدت سويسرا أرصدة عائلة بن علي، واعلن الاتحاد الاوروبي انه سيحذو حذوها.
غير ان الماطري الذي يوجد حاليا في دبي ابدى إنه مستعد للتعاون مع أي تحقيق تجريه الحكومة الجديدة، وهو يملك مؤسسات في قطاعات عدة منها الإعلام والاتصالات والبنوك.
وتمتلك شركة برنسيس القابضة حصة في شركة تونيزيانا للهواتف المحمولة.
كما أن الماطري رئيس مجلس إدارة شركة النقل للسيارات التي تبيع فولكس واجن واودي وسيات وبورش، وطرحت الشركة 40% من رأسمالها المساهم في بورصتي تونس والدار البيضاء العام الماضي.
ومن بين وسائل الإعلام التي يمتلكها صحيفة «الصباح» أوسع الصحف التونسية اليومية انتشارا وإذاعة الزيتونة الإسلامية التي يجري بثها بتردد اف.ام.
منظمات غير حكومية فرنسية تشتكي بن علي
باريس ـ يو.بي.آي: أعلنت 3 منظمات غير حكومية أنها رفعت شكوى ضد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وبعض المقربين منه في باريس.
وذكرت إذاعة «فرانس انفو» امس أن منظمات «شيربا» والشفافية الدولية واللجنة العربية لحقوق الإنسان رفعت الشكوى التي تتهم فيها بن علي والمقربين منه بالفساد.
ونقلت عن المحامي ويليام بوردون إن بن علي يملك عدة منازل فخمة في باريس وكان وغيرها بالإضافة إلى اسطبل للأحصنة وأرصدة مصرفية وقال إن من الصعب حاليا تقدير ثروة الرئيس المخلوع بشكل محدد، مشيرا الى أنها تصل إلى عدة مليارات من الدولارات.
وتشمل التهم الموجهة لبن علي: الفساد واختلاس الأموال العامة واستخدام ممتلكات عامة لأغراض شخصية وسوء الائتمان وتبييض الأموال ويطالب المدعون بتجميد الأرصدة لإعادتها إلى الشعب التونسي. وتأتي الدعاوى بعد تقرير نشرته صحيفة «لو موند» أشارت فيه إلى أن زوجة بن علي ليلى الطرابلسي أخذت معها حين غادرت تونس طنا ونصف الطن من الذهب من الاحتياطي في المصرف المركزي.
.. وباريس أبلغت «بتحركات مشبوهة» في أرصدته
باريس ـ أ.ف.پ: اعلن وزير الموازنة الفرنسي فرانسوا باروان امس انه «ابلغ» بتحركات «مشبوهة» في ارصدة تابعة لعائلة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في فرنسا لكنه رفض الحديث عن «تهريب اموال». وقال الوزير لشبكة التلفزيون «ال سي اي» حول احتمال تجميد ارصدة عائلة بن علي في فرنسا، ان خلية وزارة المالية المكلفة ملاحقة حركة الاموال المشبوهة «ابلغتني بإشارة الى تحركات مشبوهة لكن ليس بالضرورة تهريب اموال».
واضاف «ان مصرفا لحظ تحركات تفوق السقف» المعتمد دون اعطاء مزيد من التفاصيل.
وقال الوزير انه يعود لهذه الخلية اللجوء الى السلطة القضائية المختصة.
وتابع «في هذه المرحلة ليس هناك بعد اجراء اطلقته الخلية لكن هناك حاليا اجراءات قضائية اطلقتها اطراف اخرى».
واقرأ ايضاً:
منع وزير الداخلية السابق من الهرب إلى فرنسا
وزير الثقافة الفرنسي: بن علي منحني الجنسية التونسية لكن لم أقدم تنازلات لنظامه
هل كان البوعزيزي يعلم أنه سيُسقِط بن علي حين أشعل النار في نفسه؟
رئيس وزراء الحكومة المؤقتة أبلغ بن علي باستحالة عودته إلى تونس
خبراء روس يطالبون بإعادة انتخاب مدفيديف لتفادي سيناريو تونس
جزائري يهدد بإلقاء نفسه من على حائط مبنى حكومي ما لم يلبّ طلبه
«شاعرة النيلين» السودانية ترفض تقسيم بلادها وتنتقد «سرقة ثورة تونس»
القرضاوي للشباب المسلم: حافظوا على حياتكم.. والطغاة الظالمون أولى بالحرق
يمني يعرض شراء عربة البوعزيزي بـ 20 ألف دولار.. والإفراج عن آخر سجين رأي بعهد الرئيس المخلوع