تساءل الكاتب في صحيفة الـ «واشنطن بوست» إريك غولدستين بشأن تطورات الثورة الشعبية التونسية، وقال إنها تحولت من «ياسمينية» إلى «دموية» خاصة بعد أن أطلقت شرطة الرئيس المخلوع الرصاص الحي على المتظاهرين في ولاية القصرين وسط البلاد وغيرها وبشكل عشوائي بهدف القتل.
وأشار الكاتب إلى أن محمد البوعزيزي كان فجّر شرارة الثورة في ولاية سيدي بوزيد المتاخمة للقصرين، إلى أن امتدت الثورة وانتشرت كالنار في الهشيم إلى تونس العاصمة، وتتوجت بهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي خارج البلاد، ولاتزال مستمرة.
وأوضح في مقال نشرته له الصحيفة أن اكتساب الثورة في بداياتها مسمى «ثورة الياسمين» يعود إلى انتشار نباتات وعروق الياسمين المتدلية بأزهارها من معظم أسوار حدائق ومنازل الطبقة الوسطى وغيرها في مختلف أنحاء البلاد، مضيفا أنها ترمز إلى خروج أبناء الشعب بعفوية من العامة والمفكرين والفنانين وأصحاب المهن المختلفة إلى الشارع في مظاهرات احتجاجية، زاحفين يدا بيد حتى يجبروا ما وصفها بالدولة البوليسية على الركوع على ركبتيها.
غولدستين الذي كتب مقاله من القصرين في تونس أوضح أيضا أن منظمات حقوق إنسان جمعت أسماء الضحايا من أبناء ولاية القصرين، والذين سقطوا مضرجين بدمائهم برصاص الشرطة والقناصة أثناء المظاهرات الاحتجاجية في الولاية التي قدمت الكم الأكبر من الدماء، مضيفا أن الحكومة المؤقتة صرحت بأن عدد الذين قضوا في شتى أنحاء البلاد بلغ 78 شخصا في المجمل.
دماء الأبناء
أهالي القصرين أججوا الثورة بدماء أبنائهم بعد أن انطلقت من ولاية سيدي بوزيد المتاخمة وسط البلاد، حيث أقدم محمد البوعزيزي على إحراق نفسه في 17 ديسمبر 2010 مطلقا شرارة الثورة، إثر مصادرة الشرطة عربة الخضار التي يملكها وقيام شرطية أنثى بصفعه والبصق في وجهه.
كما عانى أهالي القصرين من الإحباط والكبت والقمع دون أن يظهر ذلك في العلن، في ظل عدم تمكن الصحافة الغربية أو منظمات حقوق الإنسان من الوصول إلى الولاية المحتقنة في ظل حكم الرئيس التونسي المخلوع.
وأوضح أنه لم يكن يتيسر الدخول إلى هذه الولاية، معللا أن مخابرات بن علي ما كانت لتسمح لوسائل الإعلام أو الباحثين والنشطاء الغربيين بالوصول إلى هناك، وأنهم لو وصلوا فقد لا يجدون من الأهالي من يتحدث إليهم بصراحة ويعبر عن المعاناة في ظل الخوف والرعب من القمع والاستبداد الذي كان سائدا في البلاد.
بعض أهالي القصرين في تونس يقولون إنهم تفاجأوا بحضور وسائل الإعلام إلى ولايتهم بهذا الحجم الكبير، ذلك لأنهم لم يعهدوا سوى كاميرا التلفزيون الرسمي التونسي في عهد الرئيس المخلوع، والذي كان يغطي مراسم حفلات افتتاح وقص أشرطة.
قصف عشوائي
ويقول الكاتب إنه وزملاء له من الغربيين تحدثوا إلى شرائح مختلفة من أهالي القصرين وشهود العيان والمصادر الطبية الذين وصفوا كيف أطلقت شرطة بن علي النيران والرصاص الحي على المتظاهرين على طريقة القصف العشوائي والإطلاق بهدف القتل، ووصفوا القسوة التي عامل بها الشرطة المتظاهرين بشكل عام.
القسوة التي استخدمتها الشرطة التونسية إبان عهد الرئيس المخلوع في قمع وقتل المتظاهرين من أبناء الشعب التونسي في القصرين وغيرها، أججت الثورة التي تحولت من الطابع السلمي «الياسميني» إلى الطابع الدموي والمواجهة التي لا رجعة عنها، حتى فر زين العابدين بجلده إلى خارج البلاد.
واختتم الكاتب تعليقه بالقول إنه ليس فقط أهالي الضحايا يطالبون بالتحقيق، ولكن النظام الأمني الجديد الذي إذا ما حل محل سابقه الذي اعتمد القمع والاستبداد والترويع والتعذيب نهجا في معاملة أبناء الشعب التونسي وبناته، فإنه سيجلب المجرمين إلى العدالة ويحقق في الدماء التي سفكت من أجل «ثورة الياسمين».