بعد سنوات من المنع والمضايقات في ظل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، اصبح بإمكان مغني الراب في تونس الآن ان يسجلوا اعمالهم على اسطوانات او حتى ان يصوروا فيديو كليب قرب وزارة الداخلية، احد مغني الراب هؤلاء يدعى حمادة بن عمر، وهو مشهور بلقب «الجنرال»، وقد تعرض للتوقيف اياما عدة في وزارة الداخلية بعد اعتقاله من بيت عائلته في مدينة صفاقس الجنوبية.
ذاع صيت هذا الشاب بفضل اغنية راب حملت عنوان «رايس (رئيس) البلاد شعبك مات»، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعية على شبكة الانترنت، في وقت شكلت فيه هذه المواقع متنفسا وساحة للتعبير بالنسبة لآلاف المستائين من حكم الاستبداد.
أراد حمادة من خلال هذه الأغنية ان يوجه رسالة الى الرئيس السابق زين العابدين بن علي للفت نظره الى واقع البؤس والقمع.
ويروي لوكالة فرانس برس «كان رجال الشرطة يريدون ان يعرفوا ما اذا كان لدي انتماء سياسي»، وطلبوا «ان أتخلى عن طرح المواضيع السياسية»، أما اليوم، فقد اختلف الحال بالنسبة لحمادة ولغيره من مغني الراب، فهو يؤكد تلقيه عددا من العروض الإنتاجية من داخل البلاد وخارجها.
ويقول «أريد الآن ان أركز على موسيقى الراب، وان اغني رصيدي الموسيقي»، ودعي حمادة، السبت الماضي، لإحياء حفل في قبة المنزه التي تتسع لعشرة آلاف متفرج، في ضاحية تونس العاصمة.
وكان مقررا ان يشاركه في هذا الحفل مغن آخر، هو محمد الجندوبي الذي يطلق عليه اسم «بسيكو ـ ام»، والذي انتخب افضل مغني راب في تونس في العام 2010 عبر الانترنت.
وقد اثار بسيكو ام، البالغ من العمر 24 عاما ضجة كبيرة في البلاد بعد ما نشر على شبكة الانترنت اغنية راب بعنوان «تلاعب»، يهاجم فيها رموز العلمانية والقومية العربية، ويقدم تحليلا تاريخيا اسلاميا لاحداث القرن العشرين يشير فيه الى مؤامرة اميركية ـ صهيونية لإبعاد العالم عن الإسلام.
كما يهاجم هذا المغني وجوها من التلفزيون والسينما في تونس لانتهاكهم «القيم الحسنة»، منتقدا «اللواتي يرتدين الميني جيب على طريقة ناعومي كامبل».
ويهاجم محمد الجندوبي، او بسيكو أم، في أغانيه ايضا نظام الأحوال الشخصية المطبق في تونس، والذي حظر منذ العام 1956 تعدد الزوجات وأرسى قواعد المساواة بين الجنسين، ويدعو الى استبداله بقانون يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
في ظل نظام زين العابدين بن علي، كان سايكو ام ممنوعا من احياء الحفلات والظهور على التلفزيون، رغم عشرات الآلاف من المعجبين به على صفحته على موقع فيس بوك.
«فيس بوك» يتهم الرئيس المخلوع بسرقة بيانات التونسيين بالتآمر مع موزعي الإنترنت
في سياق قريب استعرض موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» للمرة الأولى الأساليب التي لجأ إليها نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي لتحديد ومراقبة رواد الموقع في تونس من خلال السيطرة على كلمات المرور السرية لمستخدميه.
وقال الموقع في مقابلة نشرتها مجلة «ذي اتلانتيك» الأميركية» إنه لم يواجه حتى تاريخه مشكلات أمنية بحجم المشكلات التي واجهها في تونس.
ويقول تيد سليفان مسؤول الأمن المعلوماتي في «فيس بوك» إن كل شيء بدأ في فترة أعياد نهاية العام الماضي، حين ارتفع عدد شكاوى مستعملي الموقع في تونس من قيام جهة ما بحذف صفحاتهم».
وفي الفترة المذكورة، فترة الاحتجاجات الشعبية القوية، كان نشاط التونسيين على الشبكة العنكبوتية في أوجه، وكان رواد الإنترنت يتخوفون من قيام السلطة التونسية بمحاولات مراقبة وتعطيل جديدة، وكان موقع «فيس بوك» عاجزا حينه عن السيطرة على المشكلة.
وأمضى تيد سليفان وفريقه الأمني عشرة أيام في العمل لفهم ما يحصل ليكتشفوا «أن موزعي الإنترنت الأساسيين في تونس، وفي سابقة نادرة، وضعوا نظاما يسمح بتسجيل وكشف حسابات الدخول وكلمات السر لمستعملي «فيس بوك» في تونس.
ويتهم سليفان وكالة الإنترنت التونسية، التابعة لوزارة الاتصال، بالقيام بعمليات قرصنة معلوماتية، وقيامها بزرع شفرة تسمح بتسجيل ما يكتبه رواد الموقع حين يدخلون إلى صفحاتهم».
وفجأة صار «فيس بوك» في قلب حدث سياسي فائق الأهمية، وقرر موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة في العالم بحسب مسؤوله الأمني «معالجة الأمر على أنه مشكلة تقنية لا غير وعدم إضفاء الطابع السياسي عليه».
ولهذا يقول سليفان: «انتظرت المجموعة الأميركية مغادرة بن علي السلطة لكشف وقائع هذه القضية».
وللالتفاف على رقابة السلطة التونسية، وضع «فيس بوك» بتصرف رواده في تونس صفحة «مؤمنة»، للدخول إليها على المستعمل إدخال معلوماته الشخصية المعتادة والإجابة عن سؤال «أمني» محدد.
ففي يوليو 2010 اشتكت شبكة الإنترنت «غلوبال فويس» من محاولات السلطات التونسية قرصنة حسابات مستعملي البريد الإلكتروني «جي ميل».
وفي الثالث من يناير نشرت على الإنترنت الشفرات التي تستعملها السلطة التونسية للتحكم بالدخول إلى «جي ميل» و«ياهو ميل» و«فيس بوك».