فيما يشكل أول صوت خليجي رسمي يتحدث عن عصر «ما بعد مبارك» بعد نحو أسبوعين من الاحتجاجات ضد الرئيس المصري، دعا ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى أن تكون «المرحلة الانتقالية في مصر سلسة ومنظمة من خلال المؤسسات الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار المتطلبات الدستورية للمرحلة المقبلة»، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه معه أوباما امس الاول، وتحدثا فيه عن السيناريوهات المتوقعة في المنطقة، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام).
وأكد الشيخ محمد بن زايد على ضرورة أن تكون «المرحلة الانتقالية سلسة ومنظمة من خلال المؤسسات الوطنية مع الأخذ في الاعتبار المتطلبات الدستورية للمرحلة المقبلة».
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شدد على «رفض الإمارات لكل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لجمهورية مصر العربية من قبل أطراف خارجية»، مؤكدا أن «مستقبل مصر يجب أن يقرره المصريون بعيدا عن أي تدخل خارجي».
دعم الاستقرار
وأكد خلال الاتصال على «حرص دولة الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة على بذل كل جهد ممكن لدعم الاستقرار في مصر لما لذلك من أهمية بالغة وتأثير إيجابي على استقرار المنطقة»، حسب ما ذكره بيان رسمي.
يأتي هذا الاتصال بعد نحو أسبوع من اتصال مماثل أجراه أوباما مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وزعماء آخرين في المنطقة بغية تدارس حلول التعامل مع الأزمة المصرية والموقف الذي يجب أن تتخذه واشنطن، التي كانت تريد التغيير، لكنها تخشاه خوفا من تولي الإسلاميين المتطرفين زمام الحكم في أكبر بلد عربي في المنطقة.
وفي نفس السياق، اهتمت صحف الإمارات امس بالتحديات والأزمات التي تواجهها المنطقة العربية والأحداث التي يشهدها عدد من العواصم العربية، مؤكدة أن لأرض الكنانة مصر حقا على عاتق كل عربي يعايش هموم أمته ويتألم لآلامها وأن ما يحدث هناك مما نرى ونسمع هو مدعاة للهلع والقلق على هذه الدولة الموغلة في التاريخ حضارة وتعايشا وتواصلا.
وقالت الصحف في تعليقاتها التي نقلتها وكالة أنباء الامارات ان للقاهرة موقعا في كل حراك سياسي واستراتيجي تعيشه أكثر من عاصمة عربية وإقليمية ولها في تقديم المساندة والدعم اليد الطولى.
وأكدت صحيفة «الخليج» أن تصرفات الدول الغربية ليست غريبة في العلاقات الدولية بل تقع في صميمها فهي تنطلق في علاقاتها من مفهوم المصالح وهو مفهوم يقوم على تعظيم الفوائد وتقليل الكلف، فإذا كانت المصالح غير مهددة فإنه ليس هناك داع لتغيير الحال إلى آخر لأن التغيير لا تعرف نتائجه تماما ولأنه يترتب على إحداثه كلفا أما حينما تصبح المخاطر على المصالح القائمة ممكنة بل محتملة أيضا يصبح التحرك ضروريا.
وشددت صحيفة «البيان» على أن الوقوف مع مصر ضرورة ملحة كما أعلن الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية وهذا ما تنبئ به الكثير من مجريات الأمور، مؤكدة أن ضمان عودة الهدوء هو في صالح الجميع قريبهم وبعيدهم ودون ذلك جدير بكل لبيب أن يقلق وأن يتألم لما يدور في مصر المحروسة.
من جانبها قالت صحيفة «البيان» تحت عنوان «وقوفنا مع مصر ضرورة ملحة» ان مصر كانت ولاتزال حاضنة لبيت العرب وهناك الكثير من الصولات والجولات التي شهدتها هذه الدولة العزيزة على القلوب من أجل لم الشمل وهدم الفجوات وتفعيل الحلول الإيجابية ولا يمكن أن يخفي ذلك إلا من فقد العدالة في الرؤية وطاش منه الصواب وامتهن الصيد في زمن المحنة.
وأكدت «البيان» في ختام افتتاحيتها أن وقوفنا مع مصر ضرورة ملحة كما أعلن الشيخ عبدالله بن زايد وهذا ما تنبئ به الكثير من مجريات الأمور، مشددة على أن ضمان عودة الهدوء هو في صالح الجميع قريبهم وبعيدهم ومن دون ذلك جدير بكل لبيب أن يقلق وأن يتألم لما يدور في مصر المحروسة.
الطرق السلمية
من جانبه، أعرب مجلس الوزراء السعودي عن أمله في ان تحل الأمور في مصر بالطرق السلمية بما يحفظ استقرار وأمن مصر ولا يؤثر سلبا على اقتصادها لمواصلة القيام بدورها التاريخي في الوطن العربي والإسلامي وعلى الساحة الدولية.
وقال وزير الإعلام السعودي د.عبدالعزيز خوجة في بيان له عقب الجلسة الأسبوعية التي عقدت امس برئاسة نائب الملك الأمير سلطان بن عبدالعزيز ان المجلس «عبر عن أمله في أن تحل الأمور في مصر بالطرق السلمية بما يحفظ استقرار وأمن مصر ولا يؤثر سلبا على اقتصادها لمواصلة القيام بدورها التاريخي في الوطن العربي والإسلامي وعلى الساحة الدولية».
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ بداية الأزمة المصرية قبل نحو اسبوعين «أن استقرار مصر وسلامة وأمن شعبها الشقيق أمر لا يمكن المساومة عليه أو تبرير المساس به تحت أي غطاء»، مؤكدا «أن مكتسبات ومقدرات مصر الشقيقة جزء لا يتجزأ من مكتسبات ومقدرات الأمتين العربية والإسلامية». وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) الرسمية في حينه أن أوباما تفهم وجهة «نظر خادم الحرمين الشريفين بما يتفق مع استقرار المنطقة وأمنها».
إلى ذلك حملت صحيفة «قورينا» الليبية على الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب لموقفها من أحداث مصر، معتبرة أن هذه الدول لم تراع إزاء تطور هذه الاحداث سوى مصالحها فقط متجاهلة تطلعات الشعب المصري ومقاصده من وراء خروجه في مظاهرات.
وقالت الصحيفة في مقال أمس حول الموضوع ان السياسية الخارجية الأميركية لم تشهد تقلبا وتبدلا في زمن قياسي كما فعلت خلال الأسبوعين الماضيين حيال الثورة الشعبية في مصر، حيث تأرجحت من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فتحولت من دعمها المطلق للرئيس حسني مبارك في بداية الأسبوع إلى مطالبته بالتنحي عن السلطة فورا في نهايته، وكالمعتاد لحقت دول الاتحاد الأوروبي بأميركا وتخلت عن موقفها التقليدي فتحولت من داعم سياسي ومالي للحكومة المصرية إلى مطالب لها بالتغيير دون قيد أو شرط.
اتفاقية السلام
ورأت الصحيفة أن الموقف الغربي الداعم للرئيس مبارك في مستهل الانتفاضة الشعبية يرجع الى حرص الغرب على اتفاقية السلام وخوفهم على أمن إسرائيل وسلامتها.
وقالت إن تحولهم الى معادين في لمح البصر فتح الباب أمام أسباب وتفسيرات عديدة، من بينها كون هذه المواقف تأتي في سياق توجيه رسالة للناخب الغربي بعدم انحياز تلك الحكومات لحكام المنطقة أو الخوف من اتهامهم بالتجديف ضد تيار التغيير والديموقراطية.
وأضافت الصحيفة ان حسابات الغرب في هذه الحالة ستظل كثيرة ومعقدة، لكن دروسها بالنسبة للآخرين جلية وواضحة، ولعل من أهمها أن لغة المصالح المادية والسياسية وليست القيم والمبادئ هي المحرك الأساس لكل تلك المواقف.