أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بما وصفه «بالمشاركة الفاعلة للصين» في معالجة عدد من أهم القضايا الدولية الكبرى في مقدمتها قضايا نزع السلاح النووي في شبه جزيرة كوريا وايران اضافة الى دارفور وميانمار، معتبرا تلك المشاركة الصينية تجسيدا لدورها ونفوذها المتنامي على الساحة الدولية وانعكاسا لموقف الصين كدولة كبرى تتحمل مسؤولياتها حيال السلام والاستقرار على الصعيدين الاقليمي والدولي.
وقد وصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صباح امس الى مدينة «شيآن» عاصمة مقاطعة شنشي الصينية، مستهلا زيارة للصين هي الأولى التي يقوم بها منذ توليه مهام منصبه في مايو من العام الحالي، بل هي الأولى التي تأخذه الى قارة آسيا وتستغرق ثلاثة أيام.
القضية الإيرانية
وركز ساركوزي - في تصريحات أدلى بها لدى وصوله الى شيآن - على القضية النووية الايرانية، قائلا ان بلاده عازمة على العمل مع الصين لتنفيذ السياسة التي اتفقت عليها «القوى الكبرى الست» - الصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا - فاذا ما قررت ايران الوفاء بالتزاماتها فان الباب سيبقى مفتوحا أمام ايران لحل سلمي للقضية النووية بالتعاون والتحاور والتشاور.
وقال ساركوزي ان الشراكة الاستراتيجية الشاملة الفرنسية - الصينية المبنية على الاحترام والتعاون والثقة المتبادلة هي حجر الأساس في السياسة الخارجية الفرنسية، داعيا الى تركيز تلك الشراكة على جميع المجالات بما فيها الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والطاقة النووية والطيران والسكة الحديد على أسس المساواة والمنفعة المتبادلة مع منح دور أكبر في هذا الصدد للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم ذات التكنولوجيات الأحدث.
وأعرب الرئيس الفرنسي عن تطلعه للعمل مع الرئيس الصيني هو جين تاو في العديد من القضايا الرئيسية في مقدمتها البيئة والمناخ وأمن الطاقة والأمن العالمي والعلاقات الاقتصادية والتجارية متعددة الأطراف وتعزيز التعاون بين الجنوب والشمال ودفع حوار الحضارات وتفعيل مسيرة التنمية المستدامة لتحقيق أهداف الألفية التي حددتها الأمم المتحدة.
وجدد ساركوزي تمسّك بلاده بسياسة الصين الواحدة ومعارضتها لاستقلال تايوان والتزامها بالموقف الذي أعلنه مؤخرا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا بأن الاتحاد الأوروبي لن يقبل «الاستفتاء حول الانضمام الى الأمم المتحدة» الذي تدفعه السلطات التايوانية، كما أعلن دعمه الكامل لدورة بكين للألعاب الأولمبية واعتزامه توطيد عُرى الصداقة وتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة وتوسيع نطاق التعاون الصيني الفرنسي ليشمل شتى المجالات.
جدول زمني
وكان الرئيس الفرنسي اجرى مقابلة مع وكالة أنباء شيخوا الصينية في باريس عشية زيارته لبكين ونشرتها امس صحف الصينية طالب فيها بوضع جدول زمني محدد لسحب القوات الأجنبية من العراق، وهو مطلب يختلف عن الموقفين العراقي والاميركي الرسميين الرافضين لتحديد موعد لانسحاب القوات، فيما يأتي في وقت يواجه «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق خطر التفكك مع تغيير الحكومتين الاسترالية والپولندية وتعهد رئيسيهما بالانسحاب من العراق. وقال ساركوزي «ان العراق مأساة لا يمكن تركها غير مبالين»، مضيفا أنه لا حل للعراق سوى الحل السياسي من خلال المصالحة الوطنية وتحديد أفق اوضح لانسحاب القوات الأجنبية.
ولفتت صحيفة «الشعب» الرسمية الى أن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك كان قد عارض بشدة الحرب ضد العراق فيما طالب أكثر من مرة بسحب القوات الأجنبية من العراق، الا أن ساركوزي لم يعلن صراحة معارضته لوجود القوات في العراق منذ توليه الرئاسة في مايو من العام الحالي ويبدو حريصا على توثيق علاقة بلاده مع الولايات المتحدة بعد فترة توتر شديد بين البلدين على خلفية المعارضة الفرنسية للحرب.
وقالت الصحيفة انه على الرغم من عدم وجود جدول زمني لسحب قوات التحالف من العراق، الا أنه من المؤكد أن عام 2008 سيشهد تقليص وجود هذه القوات، مشيرة الى أن التحولات السياسية الكبيرة التي شهدتها أستراليا وپولندا اثر انتخابات نيابية تؤكد أن البلدين يتأهبان لسحب قواتهما من العراق خلال الاشهر المقبلة.
على صعيد متصل، تعمل بريطانيا على تقليص عدد جنودها في العراق وكانت قد أعلنت في سبتمبر الماضي عزمها سحب ألف جندي من العراق قبل نهاية العام المقبل وستقوم تدريجيا بتقليص عدد هذه القوات الى 2500 جندي في ربيع 2008.
وذكرت «الشعب» أنه بينما شاركت 27 دولة في الحرب في العراق عام 2003، انسحبت دولة تلو الأخرى خلال السنوات الأربع الماضية، منها نيكاراغوا واسبانيا والفلبين وهولندا وايطاليا.
الصفحة في ملف ( pdf )