داود رمال
دخل لبنان في مرحلة انتقالية وحساسة بعد خلو سدة الرئاسة، وعجز الافرقاء، معارضة وموالاة عن التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مما ادى الى طرح مسألة انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعا مع ما يعنيه الامر من استغلال سياسي لدى الافرقاء السياسيين وبدء ارتفاع نبرة الخطاب الطائفي وتوزيع الاتهامات بشكل عشوائي، هذا الواقع المستجد افرز تحليلات وتفسيرات عما يعنيه انتقال صلاحيات الرئاسة الى الحكومة وانعكاس ذلك على القرارات الاساسية في البلاد.
ولالقاء الضوء على حقيقة الموقف الدستوري المستجد، كان لـ «الأنباء» حديث مع الخبير الدستوري د.شفيق المصري الذي قدم صورة قانونية ودستورية لهذا الواقع المستجد، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
كيف تنظر الى وضع الحكومة الحالية بعد انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية اليها؟
صلاحيات رئيس الجمهورية لم تنتقل انما المادة 62 من الدستور تقول ان مجلس الوزراء مجتمعا يقوم وكالة بمهام الرئاسة ريثما يصار الى انتخاب رئيس جديد، وفي الاطار الدستوري كان لابد من تفعيل هذا الاحتياط بعد ان تعطل الاحتياط الاول الذي كان يقضي بالتئام المجلس النيابي حكما من اجل هذا الانتخاب وفق المادة 73 من الدستور.
اما وقد كلف دستوريا مجلس الوزراء بهذه المهام فما صدر حتى هذه اللحظة في الاطار السياسي هو نوع من التزام الاكثرية المتمثلة بالنائب سعد الحريري ومجلس الوزراء المتمثل برئيسه فؤاد السنيورة، في الزيارتين اللتين قاما بهما الى البطريركية المارونية، بحيث اكد الاثنان التزامهما، ليس فقط بالتعجيل في الانتخاب، انما في عدم اتخاذ اي قرار ذي طابع مصيري او اساسي خلال هذه الفترة، وطبعا الدستور لا يمنع مجلس الوزراء خلال هذه الفترة من اللجوء الى القرارات التي تفرضها اولويات الادارة وليس اولويات الحكم بالنسبة لهذا الموضوع، لكن يبقى الشأن السياسي سواء على مستوى الموالاة والمعارضة او على مستوى طائفية الرئيس، وبالنسبة للموالاة والمعارضة ما دام رئيس مجلس الوزراء التزم الا يقوم المجلس باتخاذ قرارات ذات طابع مصيري اوتغييري كبير، فأنا اعتقد ان هذه المرحلة نأمل جميعا ان تكون قصيرة، وهذه المرحلة قد تمر من دون اي تصعيد، وبالنسبة لمسألة طائفية الرئيس، المادة 62 حرصت على القول ان مجلس الوزراء مجتمعا هو الذي يتولى صلاحيات الرئاسة وكالة وليس طبعا رئيس مجلس الوزراء، وبتعداد بسيط نرى ان المسيحيين في مجلس الوزراء يشكلون اكثر من نصف عدد الوزراء، اي لا يصح القول ان المهام انتقلت الى الجانب المسلم ولم تعد في اطار الجانب المسيحي.
هناك من يقول ان رئيس الجمهورية لا يمكنه ممارسة صلاحياته قبل ادائه اليمين الدستورية، وبالتالي كيف للحكومة ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وهي لا تقسم هذه اليمين الدستورية؟
هذا الموضوع يصب في اطار الرئيس المنتخب وليس في مسألة الوكالة، لأن مسألة الوكالة هي اولا محدودة بالاطار الزمني وثانيا محدودة بالاطار الموضوعي، وثالثا هذه حاجة يجب ايفاؤها من اجل استمرارالمؤسسات الدستورية، يعني مثلا اذا تغيب رئيس مجلس الوزراء يحل محله نائب الرئيس اما لمنصب رئيس الجمهورية فلا يوجد نائب رئيس، واذا كان الرئيس هو الذي يؤدي القسم الدستوري، نائب الرئيس عند تعيينه او عند انتخابه لا يؤدي مثل هذا القسم، يعني ان العملية هي عملية وكالة ومؤقتة وادارة، من اجل ذلك قلت ادارة وليس حكما، ورئيس مجلس الوزراء ليس هو الرئيس، والحكمة هنا ان المهام تقوم بها وكالة مؤسسة وليس شخصا، وعندما قيل عن رئيس الوزراء انه فخامة الرئيس هذا خطأ، لأن صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل الى مجلس الوزراء كمؤسسة وليس الى شخص.
في ظل الوضع القائم مع حلول الفراغ في سدة الرئاسة، ماذا لو فقدت الحكومة نصابها القانوني واصبحت بحكم المستقيلة، ما الذي يحصل فيها؟
مجلس النواب يلتئم بحكم القانون، وهذا ما يجب ان يحصل الآن، ويعجل بانتخاب رئيس جمهورية، وتعاد العملية الدستورية فورا، ومن الناحية الامنية هناك اكثر من طلب ومن مرسوم يطالب الجيش بحفظ الامن، فاذا اعتبرت الحكومة مستقيلة لأي سبب فالمطلوب طبعا والمطلوب على كل حال حتى لو لم تعتبر كذلك، ان يصار الى الانتخاب فورا، وبالتالي تعود العملية بسرعة الى مسارها المعتاد، اي استشارات نيابية ملزمة ومن ثم تأليف حكومة وبانتظار ذلك يتولى الجيش الوضع الامني كما يتولاه حاليا.
هل بامكان رئيس الحكومة بعد انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة قبول استقالة الوزراء الستة المستقيلين وتعيين بدلاء عنهم؟
لا يمكنه ذلك، لأن السياسي تداخل مع القانوني، اليوم الحكومة تتولى ادارة الشأن العام ولا تقرر تعيينا ولا استقالة، والمنتظر ان تكون كل الامور مؤقتة.
الصفحة في ملف ( pdf )