واشنطن ـ احمد عبدالله
بعد خطاب اوباما أول من امس عن سلام الشرق الأوسط سألت «الأنباء» ديفيد ليفي مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك والباحث في معهد «نيو اميركان فاونديشن» عن توقعاته في المرحلة المقبلة فرد بعبارة واحدة «أوسلو – 2 في أحسن الأحوال ولا شيء في أسوئها»، ويحمل هذا الرد المقتضب اكثر من مغزى.
ذلك ان الرئيس الأميركي تشاور مع الحكومة الإسرائيلية قبل إعلان الأسس التي وردت بخطابه لعملية السلام في المرحلة المقبلة، وكانت أهم معالم هذه الأسس هي «الانسحاب مقابل الأمن» و«التخلي عن الأراضي بصورة تدريجية» وبدء المفاوضات من نقطتي الأمن والحدود، ويعني ذلك بطبيعة الحال وكما قال الرئيس نفسه تأجيل قضيتي القدس واللاجئين الى فترة لاحقة.
وعند مقارنة هذه الأسس بالمبادئ التي ارتكزت عليها عملية أوسلو – 1 سيظهر التشابه الشديد الذي يصل الى حد التطابق أحيانا، فثمة تركة خلفتها تلك العملية منذ منتصف التسعينيات منها المناطق «ا» و«ب» و«ج» ومنها سيطرة السلطة الوطنية على بعض مناطق الاراضي المحتلة وتشكيل أجهزة الأمن. الا ان منها ايضا استمرار الاستيطان واقتحام المناطق الفلسطينية بسبب وبدون سبب ثم تعهد بنيامين نتنياهو لحفنة من المستوطنين بإسقاط الاتفاقية وهو ما فعله بعد ذلك من الناحية الواقعية.
بيد ان ليفي كشف أيضا عن نقاش هاتفي متوتر جرى قبل ساعة واحدة من القاء اوباما لخطابه بين وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقد الح نتياهو في طلب ان يشطب الرئيس من خطابه الإشارة الى حدود 1967 ما لم يذكر في المقابل رفض مبدأ عودة اللاجئين، ورفضت كلينتون وتوتر النقاش.
وقال ليفي ان الخطاب الذي سيلقيه نتنياهو في جلسة مشتركة للكونغرس في الرابع والعشرين من هذا الشهر اعد من اجل إجهاض خطاب اوباما الذي لم يكن موعده قد تحدد بعد. وأضاف مستشار باراك السابق «اغضب ذلك الرئيس الى حد كبير، فقد نسق نتنياهو موعد الخطاب مع زعيم الجمهوريين في مجلس النواب جون بوينر الشهر الماضي دون إخطار مسبق للبيت الأبيض، ورد مساعدو الرئيس بتحديد موعد خطابه قبل ايام من موعد خطاب نتنياهو، ليس ثمة رئيس يحب ان يرى هذه المناورات السياسية من زعيم أجنبي في ساحته الداخلية».
وهكذا فان غضب نتنياهو ترجم الى تصريح من سفيره في واشنطن مايكل اورين الذي قال بعد خطاب الرئيس مباشرة لمجموعة من الصحافيين امام مقر السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأميركية «اعتقد ان الحكومة الإسرائيلية تتفق مع الرئيس في نقاط كثيرة ولكن استخدام اللغة التي استخدمها خاصة في ذكر خطوط 1967 كمرجعية للحدود هو امر مخيب للآمال تماما، علينا ان نلاحظ ان احدا من الرؤوساء الاميركيين لم يحدد ذلك منذ عام 1967». وباختصار فان واشنطن رغبت في استخدام الرغبة الإسرائيلية القوية في الحصول على دعم واشنطن لإجهاض التوجه الفلسطيني للحصول على اعتراف الجمعية العامة بالدولة المستقلة في سبتمبر المقبل في محاولة وضع نتنياهو في ركن صعب. فإذا كان رئيس الوزراء يريد فك الارتباط بين حماس وفتح واذا كان يريد دورا أميركيا في إقناع أوروبا بالامتناع عن دعم التوجه الفلسطيني في الأمم المتحدة فان عليه ان يقبل بدفع ثمن ذلك، ولكن المشهد ينتهي عادة بتبدل الأدوار أي بوضع الرئيس الأميركي في ركن صعب، وهو امر يسير في هذه الفترة، فانتخابات الرئاسة تقترب ولدى رئيس الوزراء أصدقاء كثر في واشنطن.