شؤون مصرية
علاء عبد الحميد
أزمة غير مسبوقة شهدتها أروقة مجلس الشعب مع بداية الدورة البرلمانية، وشهدت انقساما بين نواب الحزب الوطني والمعارضة حول شرعية حكومة د.أحمد نظيف، وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرها البرلمان خلال الموسم البرلماني الماضي، ولم يلتفت لأبعاد هذه الأزمة أي من الحكومة أو البرلمان، وأثار القضية النائب المستقل كمال أحمد في بداية جلسات مجلس الشعب الأحد الماضي.
النائب كمال أحمد شكك خلال الجلسة في شرعية الحكومة، وعدم وجود أساس دستوري لها، لعدم حصولها على ثقة مجلس الشعب طبقا لنص المادة 133 من الدستور بعد تعديلها والتي تنص على شرط حصول الحكومة على ثقة البرلمان لكي تؤدي أعمالها، وشهدت الجلسة عدة مناقشات مثيرة بين كل من نواب المعارضة والمستقلين ونواب الحزب الوطني الحاكم.
وكشفت المناقشات عن وجود مخاوف ومحاذير من عدم دستورية أي قرار تصدره الحكومة، وحذر النواب من إمكانية أن تقوم المحكمة الدستورية العليا بإصدار حكم بعدم دستورية أي قرار تتخذه الحكومة من قبل أن تحصل على شرعية دستورية من مجلس الشعب خلال فترة 60 يوما من انعقاده في حالة قيام أي شخص بالطعن في قرارات الحكومة.
وقد قام د.أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بتكليف اللجنة التشريعية والدستورية ببحث الأساس الدستوري لاستمرار الحكومة الحالية، ومن المتوقع أن يتم التغلب على هذه الأزمة بدعوى د.أحمد فتحي سرور للدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء للتبكير بإلقاء بيان الحكومة مبكرا، من أجل أن يتم تقرير إمكانية منح الحكومة الثقة من قبل البرلمان، وهو الأمر الذي قد يستغرق 3 أشهر على الأقل لحين قيام الحكومة بإلقاء بيانها، ثم التعليق والرد عليها من قبل نواب البرلمان لحين طرح الثقة في الحكومة، وبحسب ما جرت عليه العادة فإن ذلك قبل الربيع المقبل. ومن المتوقع أن تبادر اللجنة الدستورية والتشريعية بإعداد تقريرها والانتهاء منه في أسرع وقت.
وقد سيطرت مناقشات حول عدم الشرعية الخاصة بالحكومة على مناقشات البرلمان طوال الأيام الماضية، فيما التزمت الحكومة الصمت، ولم يصدر تعليق أو رد من قبل رئيس الحكومة أو أي من وزرائها، واعتبر كثيرون من نواب الحزب الوطني الحاكم أن الحكومة تستمد شرعيتها من الثقة التي حصلت عليها منذ نهاية الدورة البرلمانية الأخيرة، ولاتزال القضية محل خلاف وجدل بين نواب البرلمان، وباتت الحكومة مهددة بإمكانية قيام أي شخص بالطعن في دستورية الحكومة وأي قرار تتخذه ويصدر عن حكومة د.نظيف، وهو ما يعني وجود أزمة حقيقية تهدد شرعية الحكومة.
ملفات
القضايا السابقة تعد محاولات لإغلاق عدد من الملفات والقضايا المفتوحة، والتي تسبب إزعاجا للنظام، فالسيناريو الذي تم به إنهاء أزمة قضية الصحافيين حيث جرى تشكيل وانتخاب مجلس نقابة أغلبيته موالية للحكومة والنظام، اللذين وقفا بقوة وراء مجلس مكرم محمد أحمد، بالرغم من وجود اختيار قوي أمام هذا المجلس في أثناء نظر قضية محاكمة الصحافيين رؤساء التحرير الأربعة الذين تتم محاكمتهم اليوم أمام محكمة جنح مستأنف العجوزة، بعد صدور حكم بحبسهم لمدة عام، على جانب آخر كشفت محاولة وزير العدل لتمرير مشروع الهيئات القضائية، في محاولة أيضا لاحتواء أزمة القضاة، بالرغم من أنها تعد بمنزلة بالون اختبار لموقف القضاة قبيل بدء انتخابات أندية القضاة، ووجود منافسة بين جبهة نادي القضاة وكل من وزارة العدل.
على جانب آخر سادت مخاوف عديدة في الشارع المصري من ارتفاع متوقع في الأسعار من جراء ارتفاع أسعار البترول والذهب وانخفاض قيمة الدولار، في الوقت الذي تتجه فيه الحكومة لإلغاء الدعم عن سلع عديدة منها الخبز والمواد البترولية والكهرباء والطاقة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات وتضاعفها 5 مرات، وهو ما دعا كثيرين للتحذير من تكرار أزمة 17 و18 يناير الشهيرة، والتي أدت لأعمال شغب في الشارع كما حدث في عام 77 عندما قرر الرئيس السادات رفع أسعار الخبز بضعة مليمات وأدى ذلك لوقوع أحداث شغب وتمرد، وقام المصريون بتحطيم القطارات والدخول في حالة فوضى، هذه المخاوف دفعت النظام للتراجع ووقف حالة سيل التصريحات حول قضية الدعم، خصوصا عندما انتقد د.زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية تصريحات الوزير علي مصيلحي حول قضية الدعم، وضرورة إجراء حوار مجتمعي حول قضية الدعم، كما دعا الرئيس مبارك من قبل في خطابه في افتتاح الدورة البرلمانية.
انتقاد عزمي للحكومة أعطى نوعا من الأمان الى حد ما، خصوصا أن كثيرين اعتقدوا أن هناك خطة ما لرفع الدعم أو إلغائه، واستغلاله في رفع الأسعار، خصوصا أن كثيرين لن يتحملوا الزيادات المتوقعة في الأسعار، في ظل الارتفاع المفاجئ لأسعار البترول، وحتى الآن فشلت الحكومة في الوصول لتعريف محدد للفقراء، أو المواطنين الذين يستحقون الدعم أو الأولى برعاية الدعم، والتي تشبه القنبلة الموقوتة، ما لم يتم التعامل معها بحذر، خصوصا أنه في حالة رفع أسعار أي سلعة مثل الطاقة أو الخبز سيؤدي الأمر إلى رفع باقي أسعار السلع والخدمات بصورة مبالغ فيها، ولايزال الحل في هذا الملف متوقفا على إجراء حوار مجتمعي حول قضية الدعم بالغة الخطورة، كما طالب الرئيس مبارك من قبل بالفعل، وطمأنة المواطنين تجاه قضية الدعم.
لغز السفير الأميركي بالقاهرة
وفي سياق منفصل تحول السفير الأميركي بالقاهرة ريتشارد دوني، والذي يجيد العربية بطلاقة، إلى لغز مثير منذ دأبه للقاهرة سفيرا للولايات المتحدة الأميركية حيث دأب على حضور الموالد والمناسبات الدينية المختلفة، وطوافه بأغلب المحافظات المصرية، كان آخرها المنصورة وكفر الشيخ والغربية، لدرجة إعلانه أنه ينوي الاستقرار في مدينة طنطا، بعد انتهاء عمله كمبعوث ديبلوماسي، وتأكيداته أنه يعشق الموالد، والطرق الصوفية والاختلاط بالمصريين، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول موقف السفير الأميركي وسياساته في مصر، خصوصا أن اختياره جاء بدقة لإجادته العربية.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )