رأى الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي اختتم جولته الاوروبية اول من امس في پولندا ان «الربيع العربي» سيسلك طريقا متعرجا نحو الديموقراطية لكن بامكانه ان يستلهم من نهضة البلدان الشيوعية السابقة في اوروبا الشرقية.
ولعل المقارنة بين المنطقتين يمكن ان تسمح برسم طريق المرحلة الانتقالية الديموقراطية المقبلة لدول مثل تونس ومصر، والفكرة التي ترددت كثيرا اثناء جولة الرئيس الاميركي في ايرلندا وبريطانيا وفرنسا وپولندا اعطت زخما جديدا للعلاقات بين ضفتي الاطلسي.
لكن ان كان نموذج اوروبا الشرقية يوفّر آفاقا مستقبلية لدول افريقيا الشمالية والشرق الاوسط، فإن المقارنة يجب الا تذهب بعيدا جدا برأي بعض المسؤولين والمحللين. وفي هذا الصدد، قال الرئيس الاميركي في مؤتمر صحافي عقده في ختام جولته الاوروبية في وارسو «هناك مسار غير منتظم دائما، فستكون هناك دورات وانعطافات».
واضاف «سيكون هناك اوقات نقوم بها بخطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء، واحيانا خطوتين الى الامام وخطوة الى الوراء»، مؤكدا ان «ما يتوجب القيام به برأيي هو اولا ان ندرك انه يتعين مأسسة هذا التحول».
ويرى بعض المسؤولين الاميركيين ان التحولات الديموقراطية والاقتصادية التي قامت بها دول عديدة كانت في بوتقة حلف وارسو سابقا منذ سقوط جدار برلين، يمكن ان تشكل نموذجا بالنسبة للعالم العربي.
وقد تتدخل منظمات متعددة الجنسيات دعمت التغيير في اوروبا مثل البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية من اجل تشجيع تطور مماثل في العالم العربي.
ولفت بن رودز احد مستشاري الرئيس الاميركي الى «ان بعضا من هذه المؤسسات التي وضعت لدعم الانتقال الديموقراطي في اوروبا، وفي اوروبا الشرقية بوجه الخصوص، اعيد توجيهها الآن نحو الجنوب»، إلا ان المقارنة بين هاتين المنطقتين لها حدودها.
فبعض البلدان العربية على سبيل المثال تفتقر الى الهوية الوطنية التي استطاعت دول شيوعية ان تحافظ عليها رغم سنوات من الهيمنة السوفييتية، بينما تشهد دول اخرى انقسامات اثنية وقبلية تمت تسويتها في بعض دول اوروبا الشرقية.
ففي بلدان اوروبا حيث ادت هذه النزاعات الى القطيعة وخصوصا في يوغوسلافيا السابقة، تشكل الحروب الشراسة شهادة على الطرق الشائكة التي تؤدي الى الديموقراطية، والاعلان عن اعتقال القائد العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش في الوقت الذي يزور فيه باراك اوباما اوروبا، ذكر المجتمع الدولي بمخاطر وضع من هذا النوع.
ويبقى الاثبات ان الدين في منطقة ينتشر فيها الاسلام المتشدد يمكن ان يشكل قوة للسعي الى استقرار العالم العربي، لكن اليوم تملك الدول العربية مع الانترنت والشبكات الاجتماعية اوراقا مهمة لم تكن متوافرة لدى البلدان الشيوعية الاوروبية السابقة.
ولفت مايك فورمن، وهو مستشار آخر لادارة اوباما، الى «ان هناك فوارق كبيرة مع اوروبا الوسطى والشرقية، يجب عدم المبالغة في المقارنة».
لكنه رأى انه «بالنسبة للوقت الذي تبدأ فيه مراحل انتقالية ديموقراطية واقتصادية مهمة، هناك مجال للمقارنة»، وقد حملت المقارنة بطريقة ما ثمارها من خلال حث الدول الغربية المشاركة في قمة مجموعة الثماني في فرنسا على ان تعد العالم العربي بأربعين مليار دولار لمساعدته على عبور العملية الانتقالية بنجاح. في هذا الاطار، قال مدير الفرع الاوروبي لمؤسسة كارنيغي من اجل السلام الدولي جان تيشو محذرا، انه يمكن استخلاص العبر من تجربة دول اوروبا الشرقية، لكن يجب عدم الذهاب بعيدا جدا. واضاف «ان الحالات مختلفة جدا جدا، واوضاع انطلاقة هذه الدول مختلفة جدا جدا».