كل دقيقة يقضيها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعيدا عن بلاده تقربه خطوة جديدة من نهاية حكمه الذي جاوز ثلاثة عقود من الزمن.
صالح الذي أصيب في هجوم صاروخي على دار قصر الرئاسة في العاصمة اليمنية صنعاء يوم الجمعة موجود في السعودية طلبا للعلاج في لحظة حاسمة من عمر الانتفاضة الشعبية الناشبة في اليمن منذ أربعة أشهر.
ووسط تضارب التقارير لاتزال عدة أمور غامضة منها مدى خطورة إصابة صالح وما إذا كان قد ترك أي أبناء أو أبناء اخوة في محاولة لإبقاء قبضة أسرته على السلطة وما إذا كان سيعود الى اليمن مرة أخرى.
وقال المحلل السياسي المقيم في صنعاء علي سيف حسن «كل ما نعرفه هو اننا في لحظة بالغة الخطورة».
وأضاف أن هناك تصورين يجب وضعهما في الاعتبار.. الأول هو ان صالح (69 عاما) ترك فراغا سيندفع أقاربه كي يشغلوه مما سيؤدي الى اشتباكات مع خصوم صالح القبليين والى حرب أهلية.. والثاني هو ان السعودية ربما تتوسط في اتفاق لإنقاذ ماء الوجه لتسمح لصالح بمغادرة البلاد ونقل السلطة.
ويعتمد الكثير في ذلك على موقف السعودية نفسها في الساعات والايام المقبلة. فهي أكبر مانح مالي لليمن وتمول حكومة صالح وتزود جيشه بالعتاد وتقدم الدعم للمستشفيات.
وتشترك السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم في حدود يصل طولها الى 1500 كيلومتر مع اليمن وكانت حتى وقت قريب هي والولايات المتحدة تدعمان صالح كحليف ضد جناح للقاعدة يتخذ من اليمن مقرا له.
وبعدما اتضح في ابريل ومايو الماضيين ان المحتجين المناهضين للحكومة في شوارع اليمن ليس لديهم أي نية للتوقف عن مطالبتهم صالح بالتنحي تدخلت السعودية ودول الخليج العربية ثلاث مرات للتوسط في اتفاق بين صالح والمعارضة.. وهي محاولات انهارت كلها في اللحظات الاخيرة.
لكن السعودية لم تتخذ الخطوة الحاسمة بعد بسحب دعمها المالي فيما يرجع على الارجح الى عدم اليقين بشأن كيفية شغل فراغ السلطة.
وإذا بقي صالح في السعودية فسيصبح ثاني زعيم عربي يلجأ للمملكة بعد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي فر إليها يوم 14 يناير بعد احتجاجات أجبرته على الهروب.
وسيكون ثالث رئيس يسقط في «الربيع العربي» الذي شهد أيضا سقوط الرئيس المصري حسني مبارك.
وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل ان صالح ما كان ليسافر الى السعودية الا إذا كان يعتزم التماس مخرج.
وأضاف الدخيل «رئيس البرلمان ورئيس الوزراء والرئيس هنا اذن فالحكومة بالفعل هنا.. هذا سيسهل ترتيب تنحي علي عبدالله صالح».
ونقلت العشائر المتنازعة والنخب السياسية معركتها الى شوارع صنعاء قبل أسبوعين. ولقي نحو 200 شخص حتفهم في القتال وفر الآلاف من المدينة.
واتسم الهجوم الصاروخي على صالح قبل يومين والذي قتل فيه سبعة أشخاص وأصيب فيه رئيس الوزراء واثنان من نوابه ورئيسا مجلسي البرلمان بدقته واتقانه وبالوشاية من الداخل.
ويقول محللو معهد ستراتفور لدراسات المخابرات ان صالح والآخرين كانوا في المسجد داخل قصره لذلك فإنها ليست سوى دسيسة من احد المقربين من صالح هي التي رصدت موقعه. وبعبارة أخرى كانت تلك محاولة اغتيال.
وأنحى صالح الذي لم يصدر عنه سوى تسجيل صوتي بعد الهجوم باللائمة في الاعتداء على «عصابة خارجة عن النظام والقانون» لكنها كانت في الاغلب محاولة انقلاب برغم عدم إعلان أي جهة المسؤولية عنها.
وأضاف المحللون «هذا ليس عمل رجال القبائل، بل تدبير عسكريين تلقوا دعما من أفراد من النظام يعتقد انهم قريبون لصالح».
«ولهذا السبب يشتبه ستراتفور في ان أبرز مناوئي صالح داخل الجيش اللواء علي محسن الاحمر الذي كان يلتزم الهدوء على نحو واضح في الايام القليلة الماضية الذي يحظى باحترام كبير بين رجال الحرس القديم في اليمن كان ضالعا في مؤامرة الانقلاب على ما يبدو».
ووقف علي محسن وجنرالات آخرون خلف الثوار يوم 21 مارس بعدما قتل القناصة 52 محتجا في ميدان بصنعاء.
وفي علامة أخرى على ان صالح ربما يكون يعد العدة للخروج من السلطة اصطحب أيضا 35 من أقاربه معه الى السعودية غير انه من غير الواضح عدد أبنائه وأبناء اخوته الذين يرافقونه، والكثير منهم يتقلد مناصب في الجهاز الحكومي.
ويقول صالح ان كل ما يسعى اليه هو «خروج مشرف» وأصر في المفاوضات مع دول الخليج العربية على اتفاق نقل السلطة على ضمانات بعدم ملاحقته قضائيا وقد حصل عليها بالفعل.
وربما تأتي إشارة أيضا بشأن كيفية رد فعل اليمنيين على رحيل صالح من قادة الجيش ممن انشقوا وانضموا الى القبائل والمحتجين المناهضين للحكومة.
وقد يقنع هدوء العنف الذي يدفع اليمن الى حافة الحرب الأهلية السعودية على ان رحيل صالح نهائيا ربما يقدم فرصة لليمن لاستعادة قدر من الأمن والاستقرار.
وقال محجوب زويري أستاذ التاريخ بجامعة قطر «المتظاهرون أرادوا مغادرة الرئيس للبلاد. هذا (رحيل صالح) من المحتمل ان يمثل استجابة لأحد طلبات المتظاهرين. اعتقد انه يتعين علينا النظر فيما حدث في الايام القليلة الماضية فقد غير الآليات المحركة داخل المشهد السياسي اليمني».
إلى ذلك فقد تداول عدد من المواقع الإلكترونية صورة لم يتسن التحقق من صدقيتها تظهر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات السعودية.
واقرأ ايضاً:
جراحتان ناجحتان لصالح في السعودية وسيعود إلى صنعاء بعد أسبوعين.. و«شباب الثورة» يحتفلون بـ «هروبه».. ومصدر سعودي:حالته سيئة
«نيويورك تايمز»: توقعات بعدم عودة صالح إلى الرئاسة بعد سفره إلى السعودية
صنعاء تتهم القاعدة بتدبير الهجوم على صالح
سفير اليمن في القاهرة: حرس صالح حاولوا اغتياله