غادر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بلاده متوجها إلى السعودية بدعوى تلقي العلاج من جراح أصيب بها جراء حوادث عنف صاحبت ثورة مواطنيه السلمية.
وتؤشر مغادرة صالح لاحتمال أن تكون ثورات الربيع العربي قد نجحت بإطاحة ثالث رئيس عربي بعد التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك.
ورغم غموض الموقف في صنعاء، فإن سلطات صالح انتقلت حسبما أفادت الأنباء إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وسط تقديرات لمحللين عرب وغربيين، بأن ذهاب صالح للعلاج بصحبة 35 من أقاربه ومسؤولين كبار محسوبين عليه هو مخرج للأزمة اليمنية تدبرته المملكة السعودية.
إذا ما ثبت أن يوم سفر صالح إلى السعودية في 4 يونيو هو يوم سقوطه من سدة الحكم، فسيكون أكثر الرؤساء المخلوعين بقاء في الحكم حيث أمضى 33 عاما فيه (مقارنة بـ 23 لبن علي و30 لمبارك) وأكثر الثلاثة مقاومة لضغوط الشارع الساعي لإسقاطه.
وجوه الشبه بين الرؤساء الثلاثة كثيرة، وكذلك طرق تمسكهم بالسلطة وسعيهم لتوريثها لأقربائهم، لكن اللافت هو تشابه ردات فعلهم حيال الثورات وتميز صالح بينهم في السعي لترويضها.
في هذا الصدد أشهر بن علي ومبارك وصالح امتناعهم عن توريث الحكم أو السعي إلى البقاء فيه لولاية جديدة منذ الأيام الأولى للثورات الشعبية في بلدانهم، وعين مبارك نائبا له لأول مرة منذ اعتلائه السلطة.
وسارع الرئيسان التونسي والمصري إلى استبدال الحكومات أملا في امتصاص غضبة الشعب إلى جانب استعانتهما بالجيش بعد إخفاق الشرطة وأجهزة الأمن في قمع الاحتجاجات، في حين أبقى الرئيس اليمني على حكومته واستصدر من مجلس النواب ـ الذي يسيطر عليه حزبه الحاكم ـ قانونا لفرض حالة الطوارئ لا ينص عليه الدستور.
وفي حين لم تسجل وقائع الثورة على بن علي لجوءه إلى البلطجية لقمع الاحتجاجات سعى كل من مبارك وصالح إلى هذه الوسيلة للضغط على المحتجين.
فحاول الأول بالترهيب إخراج الشباب من ميدان التحرير، في حين سعى بلطجية الثاني وحرسه بالرصاص الحي لإخراج المحتجين من ساحات الاعتصام في صنعاء (24 مايو) وتعز (31 مايو) موقعين أكثر من 50 قتيلا من الشباب اليمنيين العزل.
وبينما لم تفسح تطورات الأحداث في مصر وتونس المجال لأي تدخلات خارجية هادفة لوقف سفك الدماء، حاولت دول مجلس التعاون الخليجي إيجاد مخرج مشرف لصالح والمقربين منه يمنع ملاحقته قضائيا على غرار ما حصل مع سابقيه.
لكنه امتنع عن استثمار هذه المحاولة، فأعلن موافقته على المبادرة الخليجية ثم عدل عن توقيعها ثلاث مرات رغم تعديلها.
لكن صالح بز نظيريه المصري والتونسي في قدرته على حشد قوة شعبية موالية له بمواجهة المعتصمين وأنصارهم من أحزاب اللقاء المشترك المعارض.
فكان ينظم حشدا أسبوعيا بموازاة حشد المعارضة.
لكن ذلك خلق ظروفا لانشقاق الجيش وإعلان مسؤولين ووزراء التحاقهم بثورة الشباب السلمية.
لكن الرئيس لجأ في المقابل لفزاعة تنظيم القاعدة، خصوصا بعد استيلاء مسلحين غير معروفين على معسكرات للجيش في مدينة زنجبار في محافظة أبين نهاية مايو الماضي.
ورأى المحلل السياسي اليمني عبد الباري طاهر أن صالح يحاول تخويف الناس في خطاباته وخططه.
وقال «بعد تيقنه من الرحيل، يتصرف الآن بروح ثأرية وانتقامية وأراد أن ينشر الخوف ويمزق اليمن ويتركه في حالة من الفوضى والصراع كأن يدفع بالقاعدة أو أي قوى متمردة خارجة على القانون من أجل إدخال البلد في حالة شاملة من الفوضى».
في المقـــابل لم يتضــح حتى الآن ما إذا كان الرئيس صالح قد تربـــح من وجوده على رأس الحكم أو استولى على أمــوال الدولة، رغم الشبهات التي أثارها معارضوه بهـــذا الصدد.
في حين باتــت الأمــوال المستولى عليها من قبل الرئيسين المصري والتونسي وأقاربهما قضايا ثابتة يسعى قضاء البلدين للفصل فيها.