سنة امنية صعبة مرت على لبنان، والامن في الاصل نتاج الواقع السياسي، ولو كان الوضع السياسي في لبنان طبيعيا لما تأرجح الامن وتراقص ميزان الاقتصاد. وللامن، اي امن، وجهان: مباشر ويتمثل بالاحداث والوقائع الحاصلة ومستوى التعاطي معها، وغير المباشر ونتلمسه باجراءات امنية استدراكية ووقائية غالبا ما تحول دون ما هو اعظم. لكن الناس لا يأبهون الا للامن المباشر، رغم ان الاجراءات الامنية الوقائية تكتسب في بعض الحالات اهمية اكبر.
فمثلا، الاجراءات العسكرية والامنية التي اتخذت حول السراي الكبير ساهمت في عقلنة بعض قوى المعارضة المعتصمة في وسط بيروت الى جانب المعطيات الاقليمية التي حذرت من اقتحام السراي بالطبع. كما لا يمكن تقدير اهمية الاعتقال المسبق لمن كانوا يفكرون بالتعرض لحياة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في وقت من الاوقات بالمقارنة مع ما كان يمكن ان يترتب على مثل هذا العمل.
بين الإرهاب والإجرام التقليدي
وللامن «المباشر» بذاته وجهان هو الآخر: الامن ذو الطابع السياسي والارهابي والامن الاجرامي التقليدي المرتبط بالاوضاع الاقتصادية والمعيشية والعائلية، فضلا عن العادات والتقاليد. وفي تحليل للاوضاع الامنية على ضوء الجداول والدراسات التي اعدتها الدوائر المختصة في قوى الامن الداخلي ومدى تعبيرها عن التقدم المحقق على صعيد الجهوزية الامنية، يقول اللواء اشرف ريفي المدير العام لهذه القوى لـ «الأنباء» ان هذه الجداول والدراسات تعكس التقدم الملحوظ في وسائل المكافحة والمعالجة.
ويضيف قائلا: لا يخفى اننا انطلقنا من الصفر تماما، كان هناك اعتماد قسري على الغير، واندفعنا في عملية الاعتماد على النفس برعاية السلطة السياسية وبالتنسيق الكامل مع قوى الجيش والاجهزة الامنية الاخرى، وبعد سنتين من التدريب والتجهيز بالاسلحة والمعدات والمختبرات بتّ استطيع القول اننا تخطينا مستوى القدرة على الاحاطة بالجرائم العادية والمتوسطة، والآن ننكب على متابعة التجهيز والتدريب لبلوغ مستوى مواجهة الجرائم الكبرى التي ينفذها محترفون ذوو خبرة وتدريب عاليين، والمقصود جرائم الاغتيال السياسي التي بالكاد تترك اثرا يدل على مرتكبيها.
تفاصيل الحوار في ملف ( pdf )